للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول: "يا عائشةُ، مالي وللدنيا؟ إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فأكرمهم مآبهم وأجزل ثوابهم. فأجدني أستحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدًا دونهم، وما من شيء أحب إلي من اللحوق بإخوتي وأخلائي" ١.

وكانت عبادته لربه على قدر علمه بما أعد الله من ثواب للمؤمنين المخلصين من عباده، وما أعدَّ من عقاب للمذنبين الضالين، ولذا كان يقول: "والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى" ٢.

وهكذا كان خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- تنفيذًا علميًا لما وصاه الله به في كتابه العزيز، وهي الوصايا التي ذكرنا طرفًا منها والتي تنتظمها تلك الكلمة الجامعة المأثورة عنه حيث قال: "أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها: أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، القصد في الغنى والفقر، وأن أعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرًا، ونطقي ذكرًا، ونظري عبرًا" ٣.


١ انظر جامع الأصول ٤/ ١٢١ رقم ٢٧٩٢ وما بعده من الأحاديث الكثيرة في ذكر ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهد، والتقلل من الدنيا.
وانظر كذلك شمائل الرسول ١/ ٢١١ للترمذي، وغيره من الكتب وفصولها في ذلك نجد العجب العجاب.
٢ بهذا التمام أخرجه الترمذي ٢٣١٣، وابن ماجه ٤١٩٠ وأحمد في المسند ٥/ ١٧٣، وقال الترمذي: حديث حسن. وكان أخرجه عن أبي ذر.
وأول الحديث عند البخاري ٤٣٤٥ وغيره من حديث أبي هريرة.
٣ هكذا هو في العقد الفريد ٢/ ٤١٧.
وقد جاءت كل خصلة من هذه الخصال في غير حديث، فمعناه صحيح.

<<  <   >  >>