للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخاتمة]

وبعد، فهذا ما يسر الله به من دراسات في السيرة النبوية، ولعلها تكون بداية صالحة في طريق البحث، وأساسًا سليمًا يمكن أن يبنى عليه من بعدنا، كما بنينا على الأسس السليمة التي خلفها لنا من قبلنا، ونحن نؤمن كل الإيمان بأن السيرة النبوية -على كثرة ما كُتب فيها من بحوث ودراسات- لا تزال في بعض نواحيها كالروض الأنف١، يتطلع إلى الرائد، ويستطيع الباحث فيه والمتجول في مغانيه، أن يظفر كلما أمعن النظر وطلب المزيد..

ولست مثاليًا في التقدير، ولا راكبًا متن الغرور إذا ما قلت إن هذه الدراسة قد أتاحت لي الفرصة لتصحيح شيء من الأخطاء التي انزلق إليها بعض العلماء السابقين.

فمن ذلك ما ذكره الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في تفسيره للطير الأبابيل بأنها الرياح المتجمعة، والحجارة من السجيل بأنها ذرات التراب حملت ميكروب الجدري الذي أهلك الله به الأحباش وجعلهم كعصف مأكول.. فقد ذكرنا -حينئذ- من الحجج والأدلة ما يدحض هذا الرأي ويبطله، وكان مما قلناه في هذا الصدد: إن سورة الفيل قد نزلت على الرسول -صلى الله عيه وسلم- في وقت كان يعيش فيه من أهل مكة أناس رأوا حادث الفيل بأعينهم وبعضهم من أعداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلو لم تكن الطيور طيورًا حقيقية لظهر من هؤلاء الأعداء من يسارع إلى تكذيب هذه السورة ويعلن ذلك على رءوس الأشهاد، وينتهزها فرصة في الكيد لمحمد -صلى الله عليه وسلم- والطعن عليه.. ولكن الواقع أن سورة الفيل قد نزلت فتلقاها العرب جميعًا


١ الذي لم يرع.

<<  <   >  >>