للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عفوك ورحمتك، تريد: هب لي عفوك ورحمتك. قلت: فعلى هذا

التقدير يكون " غفرانك " مفعولاً به، لا مفعولاً مطلقاً، وقد ذكر عن

سيبويه أنه من المصادر التي يعمل فيها الفعل مضمراً، تقديره: اغفر لنا

غفرانك، فعلى هذا يكون مفعولاً مطلقاً، ويقال: معناه: أستغفرك،

فهو مصدر موضوع موضع الخبر.

فإن قيل: ما الحكمة في هذا الدعاء عقيب الخروج من الخلاء؟ قلت:

فيه وجهان، الأول: أنه قد استغفر من تركه ذكر الله مدة لُبثه على

الخلاء، فكأنه رأى ذلك تقصيراً، وعده على نفسه ذنباً، فتداركه

با لاستغفار.

والثاني: التوبة من تقصيره في شكر النعمة؛ لأن الله تعالى أطعمه،

ثم هضمه، ثم سهل خروج الأذى منه، فرأى شكره قاصراً عن بلوغ

حق هذه النعمة، ففزع إلى الاستغفار منه. وحديث عائشة هذا أخرجه

الترمذي والنسائي وابن ماجه. وقال الترمذي (١) : " هذا حديث حسن

غريب، ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة ".

وفي الباب حديث أبي ذر قال: " كان النبي- عليه السلام- إذا خرج

من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني " (٢) .

وحديث أنس بن مالك، عن النبي- عليه السلام- مثله (٣) ، وفي

لفظ: " الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره " (٤) .

وفي حديث عبد الله بن عمر: أن النبي- عليه السلام- كان إذا خرج

قال:/ " الحمد دله الذي أذاقني لذته، وأبقى فيّ قوته، وأذهب عني أذاه (٥)


(١) انظر: جامع الترمذي (١/١٢- ١٣) .
(٢) ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (٢١) .
(٣) ابن ماجه في: كتاب الطهارة، باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء (٣٠١) .
(٤) ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (٢٣) .
(٥) أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة "، والطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>