للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وليُصل فيهما ". ورواه عبد بن حُميد، وإسحاق بن راهوَيه، وأبو يعلى المَوْصلي في " مسانيدهم " بنحو أبي داود.

وبالحديث استدل أبو يوسف (١) أن الخف أو النعل ونحوهما إذا أصابته نجاسة فَدلكه بالأرض ومسَحه يَطهرُ، سواء كان رطباً أو يابساً، وسواء كان لها جرمٌ أو لم يكن، لإطلاق الحديث، وبه أفتى مشايخ ما وراء النهر، لعموم البلوى. وقال أبو حنيفة: المراد من الأذى: النجاسة العينية اليابسة، لأن الرطبة تزداد بالمسْح انتشاراً أو تلوثاً. وقال محمد: لا يطهر إلا بالغسل، وبه قال زفر، والشافعي، ومالك، وأحمد. والحديث حجة عليهم.

ويُستفاد من الحديث فوائد، الأولى: المسألة المذكورة.

الثانية: ذكرها الخطابي (٢) أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها، فإن صلاته مجزئة ولا إعادة علي.

وقال أصحابنا: ولو رأى في ثوبه نجاسةَ، ولم يدر متى أصابته لا يُعيد صلاته حتى يتحقق بالإجماع، وفي رواية: يُعيد صلاة يوم وليلةِ.

فإن قيل: هذا إذا علم بها بعد أن صلى، وأما إذا علم بها وهو في الصلاة، فلا خلاف فيه أن صلاته تبطل، وعليه أن يستأنفها، فكيف يكون الجواب عن الحديث؟ لأنه- عليه السلام- علم بالنجاسة وهو في الصلاة ولم يُعدها. قلت: الجواب عن ذلك من وجهن، الأول: أن الحظْر مع النجاسة نزل حينئذ.

والثاني: يحتمل أنه كان أقل من الدرهم.

الثالثة: أن الأدب للمصلي إذا صلى وحده فخلع نعليه أن يضعها عن يساره، وأما إذا كان مع غيره في الصف وكان عن يمينه وعن يساره ناس، فإنه يضعها بين رجليه. وفي " المصنف،: نا وكيع: نا ابن أبي ذئب،


(١) في الأصل:" أبو سف"
(٢) معالم الحق (١ / ١٥٧) .
١٣ شرح سنن أبى داود ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>