للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصلاة فلا يدفعها عن نَفسه ولا يُبْعدها، فإذا أراد أن يَسْجد وهي على عاتقه وضعها بأن يَحُطها أو يُرسلها إلىَ الأرض حتى يَفرغ من سجوده، فإذا أراد القيامَ وقد عادت الصبيةُ إلى مثل الحالة الأولى لم يدافعها ولم يَمْنعها، حتى إذا قام بقيت محمولةً معه. هذا عندي وجه الحديث، ولا يكاد يتوهم عليه- عليه السلام- أنه كان يتعمد لحملها عليه ووضعها وإمساكها في الصلاة تارةً بعد أخرى؛ لأن العمل في ذلك قد يكثر فيتكرّر، والمصلي يشتغل بذلك عن صلاته، ثم ليس في شيء كثر من قضائها وطرا من لعبٍ لا طائل له، ولا فائدة فيه، وإذا كان علم الخميصة يُشْغلهُ عن صلاته حتى يستبدل بها الأنبجانية، فكيف لا يشتغل عنها بما هذا صفته من الأمْر؟ وفي ذلك بيان ما تأولناه، والله أعلم.

وقال الشيخ محيي الدين (١) : بعد أن نقل ملخّص كلام الخطابي:

هذا الذي ذكرناه وهو باطل ودعوى مجردة، ومما يَرُد قولَه في "صحيح مسلم": " فإذا قام حملها"، وقوله: " فإذا رفع من السجود أعادَها "، وقوله في غير رواية مسلم: " خرج علينا حاملاً أمامة فصلّى،، وذكر الحديث. وأما قضية الخميصة: فلأنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يُشغلُ القلبَ، وإن شغله فيترتبُ عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فاحتمل ذلك الشَّغْل لهذه الفوائد بخلاف الخميصة؛ فالصواب الذي لا معدل عنه: أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد، فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين.

قلت: الصواب مع الشيخ محيي الدين؛ لأن الحديث صحيح، والنسخ والخصوصية والتقييدُ بالفعل وغير ذلك لم يثبت، فوجب العمل به، ولا حاجة إلى تكثير الكلام الذي ليْس تحته طائل ولا منفعة. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

٨٩٤- ص- لا قتيبةُ: لا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عمرو بن


(١) شرح صحيح مسلم (٥/٣٢ - ٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>