للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة حياته - عليه السلام، واختاره إمام الحرمين، ومنعت طائفة من العلماء السهو عليه في الأفعال البلاغية والعبادات، كما أجمعوا على منعه واستحالته عليه (١) - عليه السلام - في الأقوال البلاغية، وأجابوا عن الظواهر الواردة في ذلك بأن السهو لا يناقض النبوة، وإذا لم يقر عليه لم تحصل منه مفسدة؛ بل يحصل فيه فائدة، وهو بيان أحكام الناسي وتقرير [٢/٦٢ - أ] الأحكام، وإليه مال أبو إسحاق الإسفرائيني/ الصحيح: الأول. وقال القاضي: واختلفوا في جواز السهو عليه - عليه السلام - في الأمور التي لا تتعلق بالبلاغ، وبيان أحكام الشرع من أفعاله وعاداته، وأذكار قلبه، فجوزه الجمهور. وأما السهو في الأقوال البلاغية: فأجمعوا على منعه كما أجمعوا على امتناع تعمده، وأما السهو في الأقوال الدنياوية وفيما ليس سبيله البلاغ من الكلام، الذي لا يتعلق بالأحكام ولا أخبار القيامة وما يتعلق بها ولا يضاف إلي وحي، فجوزه قوم؛ إذ لا مفسده فيه. قال القاضي: والحق الذي لا شك فيه ترجيح قول من منع ذلك على الأنبياء في كل خبر من الأخبار، كما لا يجوز عليهم خلف في خبر لا عمدا ولا سهوا، لا في صحة ولا في مرض، ولا رضا ولا غضب. وأما جواز السهو في الاعتقادات في أمور الدنيا فغير ممتنع. (٢)

قوله: " فإذا نسيت فذكروني" فيه أمر التابع بتذكير المتبوع لما ينساه.

قوله: "فليتحر الصواب" (٣) وفى رواية: " فلينظر أحري ذلك للصواب" وفى رواية: "فليتحر أقرب ذلك إلي الصواب" وفى رواية: "فليتحر الذي يري أنه صواب"، التحري: طلب أحري الأمرين وأولاهما بالصواب. وفيه دليل لأبي حنيفة على أن من شك في صلاته في عدد ركعاته تحري وبني على غالب ظنه، ولا يلزمه الاقتصار على الأقل والإتيان بالزيادة، وبه قال مالك؛ ولكن هذا فيمن يعرض له الشك كثيراً، وإذا كان أول ما عرض له استأنف الصلاة على ما عرف في


(١) كتب فوقها: "صح".
(٢) إلي هنا انتهي النقل من شرح صحيح مسلم.
(٣) المصدر السابق (٥/٦٢ - ٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>