للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: وهو العقوبات كالحدود والكفارات؛ فذهب الجمهور وكثر أصحابنا إلى أن إثبات الحدود بأخبار الآحاد جائز؛ وهو المنقول عن أبي يوسف في "الأمالي " وهو اختيار الجصاص، وذهب الكرخي إلى أنه لا يجوز إثبات العقوبات بخبر الواحد، وإليه ذهب بعض المتأخرين من أصحابنا.

الثالث: الذي فيه إلزام محض كالبيع والشراء وسائر أسباب الملك

فإن خبر الواحد لا يكون حجة فيه؛ بل يشترط فيه العدد، وأقله اثنان فيما يطلع عليه الرجال، ولفظه الشهادة مع سائر شرائط صحة الأخبار. الرابع: الذي فيه إلزام من وجه دون وجه؛ وذلك مثل العبد المأذون إذا أُخبر بالحجر، أو الوكيل إذا أخبر بالعزل، أو البكر البالغة إذا أُخبرت بتزويج الولي فسكتت، أو الشفيع إذا أخبر ببَيع الدار المشفوعة فسكت عن طلب الشفعة، أو المولى أخبر بجناية عبده فأعتقه، أو الذي أسْلم في دار الحرب ولم يهاجر إلى دارنا أخبر بالشرائع؛ فإن الإخبار بهذه الأشياء فيه شَبَهان: إلزام من وَجه دون وجه- كما عرف في موضعه- فالمخبِر إن كان رسولا أو وكيلا فالإخبار من جهة المولى أو الموكل لا يشترط فيه العددُ والعدالة اتفاقا، وإن كان فضوليا فكذلك عند أبي يوسف ومحمد، وأبو حنيفة شرَط أحدَهما إما العدد أو العدالة.

واختلف المشايخ في الذي أسلم في دار الحرب إذا أخبره فاسق بوجوب الصلاة، هل يلزمه القضاء باعتبار خبره عما فات عنه من الصلوات والصيام؟ فمنهم من يقول: ينبغي أن لا يجب القضاء عليه عندهم؛ لأن هذا من أخبار الدين، والعدالة فيها شرط اتفاقا، واعثر على أنه على الخلاف المذكور. وقال شمس الأئمة: الأصح عندي: أنه يلزمه القضاء بخبر الفاسق عند الكل، لأن المخبِرَ بالشرائع رسول عن رسول الله- عليه السلام-؛ فإنه مأمور من جهة النبي- عليه السلام- بالتبليغ. الخامس: الذي لا إلزام فيه بوجه أصلا كالوكالات والمضاربات والهدايا والودائع والإذن في التجارة، فيعتبر لثبوت هذا القسم خبر كل مميز بين

<<  <  ج: ص:  >  >>