للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " في الماء الدائم " أي: الواقف الذي لا يجري، من دام يدوم،

إذا طال زمانه.

قوله: " ثم يغتسل منه " برفع اللام؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف،

والتقدير: ثم هو يغتسل منه، ويجوز الجزم عطفاً على محل " لا يبولن "،

لأنه مجزوم، وعدم ظهور الجزم لأجل نون التوكيد، وقد قيل: يجوز

النصب بإضمار " أنْ "، ويعطى لـ " ثم " حكم " واو الجمع ".

فلت: هذا فاسد؛ لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد

أحدهما، وهذا لم يقله أحد، بل البول فيه منهي [عنه] ، سواء أراد

الاغتسال فيه، أو منه، أو لا، فافهم.

واحتج أصحابنا بهذا الحديث [على] أن الماء إذا لم يبلغ الغدير العظيم

إذا وقعت فيه النجاسة، لم يجز به الوضوء، قليلاً كان أو كثيراً،

واستدلوا به أيضا على أن القلتين تحمل النجاسة؛ لأن الحديث مطلق،

فبإطلاقه يتناول الماء القليل والكثير، والقلتين والأكثر، ولو قلنا: إن

القلتين لا تحمل النجاسة لم يكن للنهي فائدة، على أن هذا أصح من

حديث القلتين، وقد رواه البخاري ومسلم من حديث أبي الزناد، عن

الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم

الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه "، وفي لفظ: " ثم يغتسل منه "،

ورواه الترمذي ولفظه: " ثم يتوضأ منه "، وكذا أخرجه النسائي، وروى

البيهقي (١) من حديث ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن

أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام-: " أنه نهى أن يبال في الماء

الراكد، وأن يغتسل فيه من الجنابة "، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه" (٢)

من طريق جابر قال: " نهى رسول الله أن يبال في الماء الراكد "، ومن

طريق أبي هريرة: " لا يبل أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه ".


(١) السنن الكبرى (١/٢٣٨) .
(٢) المصنف (١/١٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>