للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسْعود قال: مَا رأيت رسول الله- عليه السلام- صلى صلاةً لغير وقتها إلا بجمع، فإنه جَمعَ بين المغرب والعشاء بجمَعْ، وصَلى صلاة الصبح من الغد قبل وقتها ".

وبما رواه مسلم عن أبي قتادة، أن النبي- عليه السلام- قال: " ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى". والجواب عن الأحاديث الواردة في الجمع بَين الصلاتين في غير عرفة وجَمْع ما قاله الطحاوي في " شرح الآثار": أنه صَلى الأولى في آخر وقتها، والثانية في أول وقتها، لا أنه صلاهما في وقت واحدٍ، وقَوِيَ ذلك بما رواه ابن مسعود وأبو قتادة المذكور الآن، ثم قال: ويُؤيدُ ما قلنا ما أخرجه مسلم (١) عن ابن عباس قال: " صَلى رسولُ الله- عليه السلام- الظهر والعَصْر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر وفي لفظ قال: " جمع رسول الله بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مَطر " قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. قال: ولم يقُلْ أحد منا ولا منهم بجواز الجمع في الحضر، قال: فدل على أن معنى الجمع ما ذكرناه من تأخير الأولى وتعجيل الآخرة. قال: وأما عرفة وجمع فهما مَخصوصتان بهذا الحكم.

فإن قيل في حديث ابن عمر: " إذا جد به السيرُ جمعَ بَين/ المغرب [٢/ ١١١ - ب] والعشاء بعد أن يغيبَ الشَفَقُ "، وهذا صريح في الجَمْع في وقت إحدى الصلاتين.

وقال الشيخ محيي الدين: وفيه إبطال تأويل الحنفية في قولهم أن المراد بالجمع: تأخير الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الثانية إلى أول وقتها، ومثله في حديث أنس: " إذا ارتحل قبل أن تزيغَ الشمسُ أخر، لظهرَ إلى وقت العصر، ثم نزل فجمعَ بينهما "، وهو صريح في الجمع في وقت


(١) يأتي بعد ثلاثة أحاديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>