للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوة، ثم وجده أبوه، فاختار المقام عند رسول الله، فأعتقه وتبناه، وكان يقال له: زيد بن محمد، وكان رسول الله يحبه حبا شديداً، وقيل: اشتراه رسول الله- عليه السلام- ثم أعتقه، وقال السهيلي: باعوه بسوق حباشة، وهو من أسواق العرب، وزيد يومئذ ابن ثمانية أعوام، وكان أول من أسلم من الموالي، وفيه نزلت آيات من القرآن، منها قوله تعالى: {وَمَا جَعَل أدعيَاءَكم أبْنَاءكُمْ} (١) ، وقوله: {ادْعُوهُمْ لآبَائهِمْ هُوَ أقْسَطُ عِندَ الله} (٢) ، وقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحَد مِن رجالكمْ} (٣) ، وقوله تعاَلى: {وَإذ تقُولُ للَّذي أَنْعَمَ اللهُ عَليه} الآية (٤) ، وَالمقصود أن الله تعالى لم يسم أَحدا من الَصحابة في القرَآن غيره، وهداه الله إلى الإسلام، وأعتقه- عليه السلام- وزوجه مولاته أم أيمن، واسمها: بركة، فولدت له أسامة بن زيد، فكان يقال له: الحب ابن الحب، ثم زوجه بابنة عمته زينب بنت جحش، وآخى بينه وبين عمه حمزة، وقَدمَهُ في الإمرة على ابن عمه جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة (٥) - كما مر ذكره-. وعن عائشة- رضي الله عنها- كانت تقول: "ما بعث رسول الله- عليه السلام- زيد بن حارثة في سرية إلا أمرَهُ عليهم، ولو بقي بعده لاستخلفه". رواه الإمام أحمد، والنسائي، وابن أبي شيبة لإسناد قوي جيد على شرط الصحيح، وهو غريب جدا. وأما جعفر فهو ابن أبي طالب، عم النبي- عليه السلام- وكان أكبر من أخيه علي بعشر سنين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أسن من عقيل بعشر سنين، أسلم جعفر قديماً وهاجر إلى الحبشة، وقد أخبر- عليه السلام- عنه بأنه شهيد، فهو ممن يقطع له بالجنة، وجاء في تسميته بذي الجناحي أحاديث، وعن ابن عمر


(١) سورة الأحزاب: (٣) .
(٢) سورة الأحزاب: (٤) .
(٣) سورة الأحزاب: (٠ ٤) .
(٤) سورة الأحزاب: (٣٧) .
(٥) انظر: ترجمته في الاستيعاب بهامش الإصابة (١/ ٤٤) ، وأسد الغابة (٢/ ٢٨١) ، والإصابة (١/ ٥٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>