للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقبل منه، والمعنى أخذها يجزئ عن الجذعة، مع دفع الشاتين معها- إن

وجد ذلك- وهو معنى قوله: "وأن يجعل/ معها" أي: مع الحقة "شاتين " إن استيسرتا له، أي: كانتا موجودتين في ماشيته، وقال

الخطابي (١) : وفيه دليل على أن الخيار في ذلك إلى رب الإبل، أيهما شاء أعطى.

قلت: ظاهر ما في "الهداية" يدل على أن الخيار إلى المصدق وهو

قوله: "ومن وجب عليه مسن فلم يوجد أخذ المصدق أعلى منها، ورد

النفل، أو أخذ دونها، وأخذ الفضل ".

وقال محيي الدين في "المبسوط": الصواب أن الخيار إلى من عليه،

لأن الخيار شرع رفقا لمن عليه الواجب، والرفق إنما يتحقق بتخييره.

قوله: "أو عشرين. درهما" أي: أو يجعل عشرين درهما بدلا عن

الشاتين، وفيه دليل على أن دفع القيم جائز خلافا للشافعي، وأيضا فإن

قوله تعالى: {خُذْ منْ أمْوَالهِمْ صَدَقَةً} (٢) جعل فيه محل الأخذ ما

يسمى مالا، ثم التقييدَ بأيها: َ شاة أو نحوه، زيادة على كتاب الله، وأنه

يجري مجرى النسخ، فلا يجوز ذلك بخبر الواحد، والقياس، وأما ما

ورد من ذكر عن الشاة وذكر عين صنف من أصناف الإبل، والبقر فلبيان

الواجب بما سمي، وتخصيص المسمى لبيان أنه أيسر على صاحب الماشية،

ألا ترى أنه- عليه السلام- قال: "في الخمس من الإبل شاة " وحرف

"في " حقيقة للظرف، وعين الشاة لا توجد في الإبل، عرفنا أنْ المراد

قدرها من المال.

قال الخطابي (٣) : وفيه من الفقه أن كل واحدة من الشاتين والعشرين

درهما أصل في نفسه، ليست ببدل، وذلك أنه قد خيره بحرف " أو".

قلنا: لا دليل له على هذا الكلام، بل التخيير يدل على أن الأصل


(١) معالم السنن (٢/ ٢١) .
(٢) سورة التوبة: (١٠٣)
(٣) معالم السنن (٢/ ١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>