للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء فيما أمر به النبي- عليه السلام- عُمر من ذلك بعد إجماعهم على أنه أمر ندب وإرشاد. فقيل: هو أمر ندب من النبي- عليه السلام- لكل من أعطي عطية كانت من سلطان أو عامي، صالحا كان أو فاسقاً بعد أن يكون ممن يجوز عينه، حكى ذلك غير واحد، وقيل ذلك من النبي- عليه السلام- ندب إلى قبول عطية غير السلطان، فبعضهم منعها وبعضهم كرهها. وقال آخرون: ذلك ندب لقبول هدية السلطان دون غيره، ورجح بعضهم الأول لأن النبي- عليه السلام- يخصص وجها من الوجوه. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي بنحوه.

١٧٦٨- ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله ابن عمر، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبرِ، وهو يذكرُ الصدقةَ والتعففَ منها والمسألةَ: َ" اليدُ العُليا خير من اليدِ السُفلَى، واليدُ العُليا المنفِقَةُ، والسفْلَى السائِلَةُ" (١) .

ش- هكذا وقع في صحيحي البخاري ومسلم من قوله: "واليد العليا المنفقة" من الإنفاق، وكذا هي رواية أبي داود عن أكثر الرواة، وفيه دليل للجمهور أن اليد العليا هي المنفقة.

وقال الخطابي (٢) : المتعففة لما نذكره الآن. وقال غيره: العليا الأخذة، والسفلى المانعة، حكاه القاضي. والمراد بالعلو: علو الفضل والمجد ونيل الجواب.

قلت: هو قول المتصوفة، ذهبوا إلى أن اليد العليا هي الآخذة لأنها نائبة عن يد الله تعالى. وما جاء في الحديث الصحف من التفسير مع فهم


(١) البخاري: كتاب الزكاة، باب: لا صدقة ألا عن ظهر غنى (١٤٢٩) ، مسلم: كتاب الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير (١٠٣٣) ، النسائي: كتاب الزكاة، باب: أيهما اليد العليا (٥/ ٦١) ، وباب: اليد السفلى (٥/ ٦١) .
(٢) معالم السنن (٢/ ٦٠) .
٢٦. شرح سنن أبي داوود ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>