للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " وأخذ الشفرة " الشفرة- بسكون الفاء-: السكن العريضة ٠

قوله: " فجعل يحُزُّ " اعلم أن " جعل " جارٍ مجرى أفعال القلوب في

مجرد الدخول على المبتدأ والخبر، لا في غيره من الأحكام وهي تسعة

منها " جعل "، و " يحز " من حز- بالحاء المهملة- إذا قطع، ويقال:

الحزّ: القطع في الشيء من غير إبانة. يقال: حززت العود أحزه حزا،

والضمير في " بها " يرجع إلى " الشفرة "، وفي " منه لما إلى " الجنب ".

قوله: " فآذنه " بالمد أي: أعلمه من أذن إيذاناً.

قوله: " تربت يداه " كلمة تقولها العرب عند اللوم والتأنيب. ومعناه:

الدعاء عليه بالعقر والعدم، وقد يطلقونها في كلامهم، وهم لا يريدون

وقوع الأمر كما قالوا: " عقرى حلقى "، فإن هذا الباب لما كثر في

كلامهم، ودام استعمالهم له في خطابهم صار عندهم بمعنى اللغو

كقولهم: " لا والله "، و " بلى والله "، وذلك من لغو اليمين الذي لا

اعتبار به، ولا كفارة فيه؟ ويقال: ترب الرجل إذ افتقر، وأترب إذا

استغنى، ومثل هذا قوله- عليه السلام-: " فعليك بذات الدين تربت

يداك ".

وقال ابن الأثير (١) : " إن هذا دعاء له، وترغيب في استعماله فما

تقدمت الوصية به، وكثيراً ترد للعرب ألفاظ/ظاهرها الذم، وإنما يريدون

بها المدح كقولهم: لا أب لك ولا أم لك، وهوتْ أمه، ولا أرض لك

ونحو ذلك، ومنه حديث أنس- رضي الله عنه-: " لم يكن رسول الله

سباباً، ولا فحاشاً، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: ترب جبينُه ".

وقيل: أراد به الدعاء له بكثرة السجود، فأما قوله لبعض أصحابه: " ترب

نحرُك "، فقتل الرجل شهيداً، فإنه محمول على ظاهره " (٢) .


(١) النهاية (١/١٨٤- ١٨٥) .
(٢) إلى هنا انتهى النقل من النهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>