للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاء فيقرئنا القرآن " أي: يعملنا القرآن عقيب خروجه من غير اشتغال

بالوضوء.

قوله: " ويأكل معنا اللحم " أشار به إلى أن أكل ما مسته النار لا يوجب

الوضوء لقراءة القرآن، ولا للصلاة أيضاً، ولأجل هذا قال: ولم يكن

يحجره أي: يمنعه " عن القرآن " أي: عن قراءة القرآن " شيء ليس

الجنابة "، ويحجره من حجره إذا منعه، وحجر عليه إذا منعه من التصرف،

وفي بعض الرواية: " يحجزه " بالزاي، من حجزه يحجزه حجزا،

بمعنى منعه أيضاً، وكلاهما من باب نصر ينصر، وفي بعض الرواية:

" يحجبه " من حجب إذا منع أيضاً.

وقوله: " ليس الجنابة " بمعنى (١) غير الجنابة، وحرف " ليس " له ثلاثة

مواضع، أحدها: أن يكون بمعنى الفعل، وهو يرفع الاسم وينصب

الخبر، كقولك: ليس عبدُ الله جاهلاً. ويكون بمعنى " لا " كقولك:

رأيت عبد الله ليس زيداً، تنصب به زيدا كما تنصب بلا، ويكون بمعنى

" غير " كقولك: ما رأيت أكرم من عمرو ليس زيد، أي: غير زيد،

وهو يجر ما بعده. ويستفاد من الحديث فائدتان، الأولى: جواز قراءة

القرآن للمحدث.

والثانية: فيه دليل على حرمة قراءته على الجنب، وكذلك الحائض؛

لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة. وكان أحمد يرخص للجنب أن يقرأ

الآية ونحوها. وكذلك قال مالك في الجنب: إنه يقرأ الآية ونحوها.

وقد حكي عنه أنه قال: تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب؛ لأن الحائض إذا لم

تقرأ نسيت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول، ومدة الجنابة لا تطول.

ورُوي عن ابن المسيب، وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب

القرآن، والجمهور على تحريمه " (٢) .

وأخرج الترمذي هذا الحديث، والنسائي، وابن ماجه مختصراً، وقال


(١) انظر: معالم السنن (١/٦٦) .
(٢) إلى هنا انتهى النقل من معالم السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>