للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهاجرة إلى حين بَرد النهار، وانكسار وهج الحرّ. وقال بعض أهل

اللغة: أراد صلُّوها في أول وقتها، وبَرد النهار أوله.

قلت: هذا بعيدٌ، يُنافيه قوله: " حتى رأينا فَيءَ التلول " ولذا قال

الخطابيّ: " ومن تأوله على بَردي النهار، فقد خرج عن جملة قول

الأمة "، وبه استدل أصحابنا على أن تأخير الظهر والإبراد بها في الصيف

مستحب. وبه قال أحمد، وإسحاق بن راهوَيه. وقال الشافعي:

تعجيلها أولى، إلا أن يكون إمام جماعة ينتابه الناسُ من بُعد، فإنه يَبرد

بها في الصيف عند شدّة الحرّ.

وقال الشيخ محيي الدين: " (١) والصحيح: استحباب الإبراد: وهو

النصوص للشافعي، وبه قال جمهور أصحابه لكثرة الأحاديث الصحيحة

فيه المشتملة على فعله والأمر به في مواطن كثيرة ومن جهة جماعة من

الصحابة ".

فإن قلت: قد ذكر مُسلم حديث خبّاب: " شكونا إلى رسول الله حَرَّ

الرَّمضاء فلم يُشكِنَا. قال زُهير: قلت لأبيً إسحاق: أفي الظهر؟ قال:

نعم، قلتُ: أفي تعجيلها؟ قال: نعم ". قلت: هَذا الحديث مَنسوخ

بأحاديث الإبراد، ويقال: الإبراد رخصة، والتقديم أفضل، واعتمدوا

حديث خبّاب وحملوا حديث الإبراد على الترخيص والتخفيف في التأخير،

وهو قول بعض الشافعية. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم،

والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطبراني في " محجمه "،

وأبو بكر في " مصنفه "، وأحمد في " مُسنده ".

ص- قال أبو داود: هو مُهاجر أبو الحسن.

ش- يعني قوله: " نا شعبة: أخبرني أبو الحسن " هو مُهاجر أبو الحسن

التيمي، مولى تيم الله الكوفي. سمع: عبد الله بن عباس، والبراء بن

عازب، ورجلا من أصحاب النبي- عليه السلام-، وزيد بن وهب،


(١) شرح صحيح مسلم (٥/١١٧، ١١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>