للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المحاضرة الدفاعية عن السنة المحمدية]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

وبعد، فيقول الله في محكم تنزيله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة ١٢٨)

تتمثل تلكم الرحمة والرأفة اللتان وصف الله بهما نبيه في تعليماته الرحيمة وتوجيهاته الحكيمة ومن تلك التعليمات إخباره ببعض المغيبات التي أطلعه الله عليها، لأنه لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. علمه شديد عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (النجم: ٣- هـ) .

فيقول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يخبر عن مثل هذه الأوقات المظلمة التي تمر على المسلمين اليوم: " بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء "١. وقال في تفسير الغرباء: "هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي "٢ وفي رواية أخرى: "هم الذين يصلحون حين يفسد الناس"٣ وقال في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم:" يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم "٤. ووجه كون هذه الأخبار رحمة، أن الإنسان عندما يفاجأ اليوم ببعض آراء الملحدين الجريئة التي تهاجم دين الله المنزل من السماء- ومنهجه الذي ارتضاه للبشرية، تهاجمه بكل وقاحة وبمنتهى الجرأة والقادرون على قمع هذه الآراء وإيقافها عند حدها ساكتون ولا يثورون غيرة على هذا الدين الذي يدينون به في مثل هذا الموقف يتذكر الإنسان هذه الأخبار الصادقة. فلا يندهش كثيرا، بل يزداد إيمانا على إيمان، ويقينا فوق يقين بهذا الدين وبمن أنزله وبمن أنزل عليه. وقد فوجئنا في مدينتكم هذه (عطبرة) مع. الأسف بهجوم عنيف ضد تعاليم الإسلام من المدعو (محمود) تناول فيه العناصر الأولية لهذا الدين في محاضرته التي استطاع فيها أن يخرج كل ما في جعبته بكل صراحة ووقاحة،

ولكثرة النقاط الإلحادية التي جاءت في محاضرته سجلت في هذه الوريقات ما استحضرته خشية النسيان ولنناقشها نقطة نقطة ونرد شبهاته شبهة شبهة، مستعينين بالله تعالى.

ومن أخطر ما جاء في كلامه- هداه الله- قوله بأن العبد يترقى حتى يسمى بالاسم الفرد (الله) بدعوى أنه يسمو ويعلو روحيا بالرياضيات الروحية وبالخلوة فيترقى إلى درجة الألوهية والربوبية فيسوغ له آنذاك أن يقول هو (الله) {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} وهذه النقطة هي حجر الأساس في دعوته، وهى هدفه الأول والآخر، لأنه يستطيع بمقتضاه أن يسقط عن الناس جميع التكاليف


١ أخرجه م الإيمان حديث رقم ٣٣٢، ت. الإيمان (١٣) . جه الفتن (١٣) ! الدارمي الرقاق (٤٣) . أحمد في مسنده ٣٩٨/ ١، من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
٢ أخرجه ت. الفتن (٣) والإيمان (٣) والإمام أحمد في مسنده ٧٣/ ٤ من حديث عبد الرحمن بن سنة رضي الله تعالى عنه.
٣ أخرجه ت. الفتن (٣) .
٤ أخرجه مسلم الإمارة (١٠) الفتن (٨٣) وأحمد في مسنده ٣٤٦/ ٣ من حديث أبى هريرة رضي الله تعالى عنه.

<<  <   >  >>