للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختصره شُعيب متوهما لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقا، وأما نسخ

الإيجاب بالوضوءِ مما مست النار خلا الجزور فقط، وقال أبو داود عند

تخريجه: هذا اختصار من الحديث الأول، ولفظ الحاكم في التاريخ عن ابن

عقيل عنه: " أكلت مع النبي من شاة صنعت له قبل العصر، فحضرت

الصلاة فصلى ولم يمس ماء، ثم حضرت عمر في ولايته فأتى بحفنة فيها ثريد

ولحم فأكلها مع ناس من المهاجرين، وحضرت الصلاة ولم يمس عمر ولا أحد

ممن أكل معه ماء " (١) . وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به شعيب عنه، ولا

أعلم رواه عنه غير علي بن عباس، ورواه في موضع آخر منه بلفظ: " بينما

نحن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكل مما مست النار ". هكذا حديث غريب من حديث

ابن عيينة عن الثوري. تفرد به طاهر بن الفضل الحلبي عن ابن عيينة، وقال ابن

أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه علي بن عباس: " كان آخر

الأمرين … ". فقال: هذا حديث مضطرب المتن، إنّما هو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل

كتفا ولم يتوضأ ". كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر عن جابر، ويمكن أن

يكون شعيبا حدّث به من لفظه فوهم فيه، وقال في موضع آخر: إنّما هو أنّ

النبي- عليه السلام-: " أكل كتفا ثم صلى ولم يتوضأ ". ولقائل أن يقول:

الذي سلف من عند أبي داود وابن حبان أقرب مما ذكره الرازْي؛ لتباعد لفظ

المتنين، ولعدم جواز التعبير بأحدهما عن الآخر، والانتقال من أحدهما إلى

الآخر إنما يكون عن غفلة شديدة ببعد منها شعيب، وقول أبي داود أقرب؛

لأنّه يمكن أن يعبر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأولى، ولقائل أن يقول

أيضا: المراد بآخر الأمرين ذكره جابر أولا من أنه أكل لحما وخبزا ثم توضأ ثم

أكل فضل طعامه، أجل ثم لم يتوضأ، فكان الآخر من الفعل الأول ترك

الوضوء فصحّ إذا الاختصار كان جائزا فهم من التابع الراوي عنه أنّه عرف

روايته للحديث الأوّل، فعبر له بعبارة موجزة يفهمها السامع- والله أعلم-،

وعلى هذا لا يعلو إن ادّعى النسخ بقوله:/آخر الأمرين. وأمّا ابن حزم فزعم

بعد تصحيحه حديث آخر الأمرين أنّ من قال إنّه مختصر من الأول قول


(١) ضعيف. راجع: المجمع (١/٢٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>