للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبّ أن يأخذ بالرخصة أخذ. ولماّ ذكره أبو محمد ابن حزم مصححا له من

حديث سفيان عنه قال: هذا لفظ يدل على مداومته عليه الصلاة والسلام

كذلك وهى أحدث الناس عهدا بمبيته ونومه جنبا وطاهرا، فإن قيل: إن هذا

الحديث أخطأ فيه سفيان؛ لأنّ زهيرا خالفه فيه قلنا. بل أخطأ بلا شك من

خطأ سفيان بلا دليل، وسفيان أحفظ من زهير بلا شك وقد تابع سفيان على

روايتهما أبو الأحوص والأعمش من حديث أبي بكر بن عياش عنه ولفظهما:

" كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماء " (١) . وإسماعيل بن أبي خالد من حديث

هشيم عنه ذكره الطحاوي في شرح الآثار وحمزة الزيات ذكره أبو القاسم في

الأوسط وقال: لم يروه عن حمزة إلا زياد أبو حمزة. تفرد به عامر بن إبراهيم،

وقال الخزرجى في كلامه على الموطأ: وقد رواه عن أبي إسحاق أئمة عدول،

وهذه رخصة ورفق من الله تعالى، لا ينبغي أن نطرح مثل هذا الحديث لأجل

انفراد رواية العدل برواية لا تعارض زيادة من زاد عن الأسود وذكر الوضوء؛

إذ قد يصح أن يفعل الأمرين في وقتين، والله أعلم.

وفي كتاب ابن شاهين: يجامع ثم يعود ولا يتوضأ وينام ولا يغتسل،

وسيأتي ذكره فنبيّن مجموع ما سبق تكافؤ القولان المضعف والمصحح، ولم

يبق إلا الترجيح بأمر زائد على ما يتفرع فيه وهو متابعة عطاء المذكورة عند

الأثرم وما ذكره جرير من/التابعين وليس لتضعيفه رواية عن عائشة وجه

لأمرين: الأول: تصريح جماعة العلماء بسماعه منها. وقد خرج الشيخان في

صحيحهما أربعة أحاديث رواها عنها صرّح في بعضها بالسماع. الثاني: لم

يك تدليسا حتى يتوقّف في روايته إذا لم يبيّن سماعه، وقد وجدنا أيضا له

شاهدا من حديث أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسناد جيّد خرجه الإمام أحمد

في مسنده (٢) قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجنب ثم ينام ثم ينتبه ثم ينام ".

وحديث ابن عباس: " إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الخلاء فأتى بطعام فقالوا: ألا

نأتيك بطهر؟ فقال: أأصلي فأتطهر! " وبعضهم يقول فيه: ألا تتوضأ؟ قال: ما


(١) تقدم من أحاديث الباب ص ٧٣١.
(٢) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (٦/١١١، ٢٩٨) وله شاهد إسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>