للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرسالة الثامنة عشر]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

"١٨"

من عبد الرحمن بن حسن إلى من يصل إليه من الأخوان وفقنا الله وإياهم لسلوك منهج العلم والإيمان سلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

وبعد فقد سألني بعض الأخوان عن قلب الدين على المدين إذا كان له عقار وعوامل ونواضح ونحوها فأجبت بأنه لا يخلو من ثلاثة أحوال "الحال الأول" أن يضيق المال عن الدين فهذا مفلس في عرف العلماء رحمهم الله تعالى إذا سأل غرماؤه الحاكم ولو بعضهم لزمه الحجر عليه في ماله وذهب جمع من المحققين إلى أنه يكون محجوزا عليه بدون حكم حاكم وهذا لا يجوز قلب الدين عليه بحال لعجزه عن وفاء ما عليه من الدين "الحال الثاني" أن يكون ماله أكثر من دينه لكنه لا يقدر على وفاء دينه إلا بالاستدانة في ذمته وهذا يشبه الأول لا يجوز قلب الدين عليه لأنه غير مليء ولا يخفي أن المليء عند العلماء هو الذي إذا طولب بما عليه بذله من غير مشقة عليه وهو الواجد للوفاء "الحال الثالث" أن يكون عليه دين وفي يده مال يقدر على الوفاء من غير استدانة وهذا مليء ولكن منع بعض العلماء قلب الدين عليه حسما للمادة وسدا للذريعة:

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: عن المعاملات التي يتوصل بها إلى الربا: فمن ذلك أن يكون المدين معسرا فيقلب الدين في معاملة أخرى بزيادة مال وما يلزم ولاة الأمر في هذا وهل يرد على صاحب المال رأس ماله دون ما زاد؟ فأجاب: المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ولعن المحلل له وكان أصل الربا في الجاهلية أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل فيقول له: أتقضي أم تربب؟ فإن وفاء إلا زاد هذا في الأجل وزاد هذا المال فيتضاعف المال والأصل واحد وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين وأما إذا كان هذا هو المقصود ولكن توسلوا بمعاملة أخرى فهذا تنازع فيه المتأخرون وأما الصحابة فلم يكن منهم نزاع في أن هذا محرم والآثار عنهم بذلك كثيرة والله تعالى حرم:

<<  <   >  >>