للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مائة وجه، فأنا فيه يتيم"١. يريد طرقه وعلله واختلاف ألفاظه٢.

وكان إدراك العلة أحب عليهم من استفادة عشرين حديثاً يقول عبد الرحمن بن مهدي: "لأنْ أعرف علة حديث هو عندي أحب إليّ من أن أكتب عشرين حديثاً ليس عندي"٣.

ولا يستغرب مثل هذا الكلام؛ لأن من الأحاديث ما تخفى علته فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد، ومضي الزمن البعيد٤، فها هو الإمام أبو الحسن علي ابن عبدلله المديني - الذي قال فيه أبو حاتم الرازي: "كان علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل٥ - يقول: ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة"٦.

إذا عُلِمَ هذا، فكذلك الراوي الذي أخطأ، أو اضطرب في الحديث، لا نستطيع إدراكه إلا بعد جمع طرق الحديث.

والحفاظ عندما يحكمون بأن المخطئ في هذا الحديث هو فلان، إنما يحكمون بعد وقوفهم على الروايات المختلفة.

ومما يدل على ذلك أن يحيى بن معين جاء إلى عفّان؛ ليسمع منه كتب حماد بن سلمة؟


١ ت. بغداد (٦/٩٤) للخطيب. وانظر النبلاء (١٢/١٥٠) .
٢ النبلاء (١٣/١٩٠) للذهبي وانظر الجامع لأخلاق الراوي (٢/١٧٧) .
٣ معرفة علوم الحديث (١١٢) للحاكم ومن طريقه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (٢/٢٩٥) . وانظر منه (١/١٩١) .
٤ الجامع لأخلاق الراوي (٢/٢٥٧) .
٥ الجرح (٦/١٩٤) .
٦ الجامع لأخلاق الراوي (٢/٢٥٧) .

<<  <   >  >>