للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ابتلى الله تعالى العباد بالشريعة، ليظهر منهم حسن العمل، فقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك: ٢) وفسر الفضيل بن عياض حسن العمل بقوله: (أخلصه وأصوبه) ، وقال: العمل لايقبل حتى يكون خالصاً صواباً، الخالص: إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة (١) .

لذلك يعد العمل الخالي من النية الصالحة كالجثة الهامدة، التي لا روح فيها، وقد فرض الله تعالى عبودية على المسلم في كل عمل يعمله، ومما لامراء فيه أن تعليم القرآن الكريم من أجل القرب وأعظمها أجراً، حتى فضله بعض السلف على الجهاد في سبيل الله (٢) ، فمن مقتضى هذه العبودية في هذا العمل أن تُجرد النية لله في تعليمه، ويُفرد بحسن الطاعة والقصد، ويُصفَّى عن ملاحظة المخلوقين، كما قال القشيري: (الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين) (٣) .

وكلما أخلص المرء لله لم يتعثر في سيره، وأُعطي توفيقاً بقدر ما في قلبه من الصدق والإخلاص، قال الإمام الرباني محمد بن واسع البصري: (إذا أقبل العبد بقلبه على الله، أقبل الله بقلوب العباد عليه) (٤) .

وهذه معلمة مهمة لمدرس القرآن الكريم، ينبغي له ترسمها والحرص عليها، ليمسِّك الناس بالكتاب، ويحببهم إليه، ويحملهم على حسن الأدب معه، وجودة تلاوته.


(١) معالم التنزيل للبغوي: ٨ / ١٧٦.
(٢) انظر النشر: ١ / ٤.
(٣) التبيان في آداب حملة القرآن: ٢٤.
(٤) سير أعلام النبلاء: ٦ / ١٢١.

<<  <   >  >>