للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السادس:] * باب تفسير التّوحيد وشهادة أن لا إله إلاَّ الله.

ــ

مناسبة هذا الباب لما قبله ظاهرة؛ لأن الباب الذي قبله: "باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله "، وهذا الباب في تفسير هذه الكلمة، وبيان معناها، لأن الذي يدعو إلى شيء ويطلب من الناس أن يفعلوه، فلابد أن يبيّنه لهم، ويوضّحه لهم توضيحاً تامًّا، ولا يكتفي بمجرد أن يقول للناس قولوا: لا إله إلاَّ الله١ أو يقول للناس: ادخلوا في الإسلام، بل لابد أن يبين لهم معنى لا إله إلاَّ الله، وأن يبين لهم معنى الإسلام الذي يدعوهم إليه، ولابد مع ذلك أن يبَيّن لهم ما يناقض الإسلام، وما يناقض لا إله إلاَّ الله، من أنواع الرِّدّة، وأنواع الشرك، حتى تكون دعوته مُثمرة، وحتى يستفيد الناس من دعوته، أما أن يدعوَهم إلى شيء مجمل، فهذا لا يكفي.

وكثير من الذين يتسمَّون بالدعوة في هذه الأيام من الجماعات أو الأفراد، أكثرهم لا يعرفون معنى لا إله إلاَّ الله على الحقيقة، ولا يعرفون معنى الإسلام على الحقيقة، ولا يعرفون نواقض الإسلام، ونواقض الشهادتين، وإنما يَدْعُون إلى شيء مجمل، وربما أن بعضهم يفهم هذا، ولكن لا يحب أن يبين للناس هذه الأشياء لأنهم- بزعمه- يَنْفُرون منه، وهو يريد أن يجمِّع الناس، يُجمعهم على ماذا؟، على جهالة؟، يجمعهم على ضلالة؟. لابد أن تبين ما تدعو إليه، وتوضح ما تدعو إليه كما قال تعالى في حق نبيه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} والبصيرة معناها: العلم بما يدعو إليه، ومعرفة معناه، حتى يوضحه للناس، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كما سبق في آخر الباب الذي قبل هذا- لما بعث عليًّا رضي الله عنه وأعطاه الراية، قال: "ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه"، ما قال: "ادعهم إلى الإسلام" واكتفى بهذا، بل قال: "أخبرهم بما يجب عليهم"، إذا


١وأما أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للمشركين: "قولوا لا إله إلاَّ الله" وقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاَّ الله". فلأن المشركين يعرفون معنى هذه الكلمة لأنه لما قال لهم ذلك قالوا: "أجعل الآلهة إلهاً واحداً". وكثير من الناس لا يعرفون معناها بدليل أنهم يقولونها ويدعون غير الله من الموتى وغيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>