للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثامن:] *باب ما جاء في الرقى والتمائم

في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً: "أن لا يُبقين في رقبة بعير قلادة من وَتَر، أو قلادة إلاَّ قُطِعت".

ــ

قال الشيخ رحمه الله: "باب ما جاء في الرّقى والتمائم" أي: ما جاء عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن الصحابة والتابعين من الأحاديث والآثار في النهي عن الرُّقى والتّمائم.

هذا الباب مناسبته لما قبله: وهو: "بابٌ من الشرك لبس الحلْقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه"؛ أن هذا الباب مكمِّلٌ للباب الذي قبله، لأنه ذكر أنواعاً أخرى مكمِّلة لما ذُكر في الباب الذي قبله، ولكن الباب الذي قبله صرّح الشيخ في ترجمته بأن لبس الحلْقة والخيط من الشرك، وأما هنا فلم يصرّح، بل قال: "ما جاء في الرُّقى والتمائم"، وهذا من دقّة فقهه ومعرفته رحمه الله، فإنه إذا كان الحُكم واضحاً منصوصاً عليه في الحديث ذكره في الترجمة، وإذا كان الحكم فيه تفصيل، أو فيه احتمال؛ فإنه لا يجزم في الترجمة، وإنما يورد الأدلة في الباب ويُؤخذ منها الحكم مفصّلاً. فهذا من دقّة فقهه رحمه الله، وشدّة تورّعه عن إطلاق الأحكام، مما يُرَبِّي في طلبة العلم هذه الخَصْلَة الطيّبة، وهي أنهم يتورّعون في إطلاق الأحكام ويتثبتون فيها، لأن الأمر خطير جدًّا.

قوله: "عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه" هكذا كان مشهوراً بكُنْيته، ولم يُعرف له اسم -كما قال ابن عبد البر.

"أنه كان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره" لم يعين هذا السفر، قال الحافظ: لم أقف على تعيينه".

"فأرسل رسولاً" أي: مندوباً.

"أن لا يبقيّن في رقبة بعير قلادة" " يبقيّن" مؤكّد بنون التأكيد الثقيلة، وقلادة فاعل. كانوا في الجاهلية يعلّقون القلائد على رقاب الإبل، يعتقدون أن ذلك يدفع

<<  <  ج: ص:  >  >>