للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الحادي عشر:] * باب لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله

وقول الله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} الآية.

ــ

قال الشيخ رحمه الله: "بابٌ لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله" هذا الباب تابعٌ للباب الذي قبله؛ لأن الباب الذي قبله: "ما جاء في الذبح لغير الله" يعني: أنه محرَّمٌ وأنه شرك، وهذا الباب فيه سدُّ الذريعة المُفْضية إلى الذبح لغير الله.

وقوله: "باب لا يذبحُ" بضم (الحاء) على أنّ (لا) نافية، ويصلُح: "لا يُذبحْ" بإسكانها على أنّ (لا) ناهية، وحتى لو أخذناها على أنها نافية فالنفي هنا معناه: النهي، فالنفي يأتي بمعنى النهي، بل إذا جاء النهي بصيغة النفي كان أبلغ، مثل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تشد الرحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد" هذا نفيٌ معناه: النهي، ومثله قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} هذا نفي معناه النهي عن هذه الأمور.

وقوله: "لا يذبحُ لله في مكان يذبح فيه لغير الله" لأن الذبح في هذا المكان وإن كان لله عزّ وجلّ، فإنه وسيلة إلى الشرك، وكذلك في الذبح في هذا المكان تعظيم له ومشابهة للمشركين، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوسائل المُفْضية إلى الشرك، مثل: نهيه عن الصلاة إلى القُبور وإنْ كان المصلي لا يصلي إلاَّ لله عزّ وجلّ، ونهي عن الدعاء عند القُبور وإن كان الداعي لا يدعو إلاَّ الله وحده، لكن هذا المكان لا يصلُح التعبد لله فيه، لأنه وسيلةٌ إلى الشرك، وكذلك نهى عن الصلاة عند غروب الشمس لأنه وسيلة إلى عبادتها لأن المشركين كانوا يسجدون لها عند الغروب، ونهى عن الصلاة عند شروق الشمس لأن المشركين كانوا يسجدون لها في هذا الوقت؛ فكل موطن وكلُّ زمان قد اتخذه المشركون لعبادتهم فإننا نهينا أن نُشاركهم فيه، وأمرنا أن نبتعد عنه، من باب سدِّ الذرائع، ومن باب قطْع المشابهة للمشركين، ممّا يعطي دينَ الإسلام استقلالية تامّة عن كلِّ دين سواه في الأديان الباطلة.

قوله: "وقول الله تعالى: " {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} " أي: في مسجد الضرار، نهيٌ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة في هذا المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>