للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثاني عشر:] * باب من الشرك النذر لغير الله

وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} .

ــ

قال الشيخ رحمه الله: "باب من الشرك النذر لغير الله" النذر في اللغة: التزام فعل الشيء. وفي الشرع: التزام مكلّف فعل طاعة لم تجب عليه بأصل الشرع. وهذا منهيٌّ عنه؛ لما فيه من إحراج الإنسان لنفسه، وتحميلها شيئاً قد يشق عليها، وكان قبل أن ينذر في سعة من أمره؛ إن شاء فعل هذه الطاعة المستحبة، وإن شاء لم يفعلها، فلمَّا نذر فِعْلها لزمَتْه.

والدليل على أن الوفاء بنذر الطاعة عبادة: أن الله سبحانه ذكر أن من صفات الأبرار: أنهم {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} ، وأمر بالوفاء به بقوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} ، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من نذر أن يطيع الله فليطعه".

وإذا كان كذلك فهو من أنواع العبادة، لأن العبادة كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة"، فكل أنواع الطاعات التي أمر الله بها، أو أمر بها رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنها الوفاء بالنذر عبادة، فمن صرف شيئاً من هذه الأنواع لغير الله صار مشركاً الشرك الأكبر الذي يُخرجه من المَلَّة.

والشيخ رحمه الله في هذه الأبواب إنما يحكي أنواعاً تقع من بعض الناس وهي من الشرك، يريد أن يحذر المسلمين منها، ومن ذلك: النذر لغير الله من الجن، أو الأولياء والصالحين، أو أصحاب القبور، وهذا عبادة لغير الله عزّ وجلّ فهو شرك، وهذا واقع في هذه الأمة بكثرة، من حين وُجدت الأضرحة، وبُنيت على القبور، وصار كثير من الناس يتجهون إليها، لأنهم قيل لهم: إن هذه القبور فيها بركة، وفيها نفع، وفيها دفع ضرر، وإنها مجرَّبة، فمن نذر للقبر الفلاني، أو للشيخ الفلاني، فإنه يحصل له مقصوده، إن كان مريضاً يُشفى، وإن كانت امرأة تريد الحمل فإنها إذا نذرت للشيخ الفلاني أو للقبر الفلاني تحمل، وإذا حصل بالناس تأخر مطر ونذروا لهذه القبور نزل المطر، إلى غير ذلك من المُغْريات.

<<  <  ج: ص:  >  >>