للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الخامس والعشرون:]

* باُب بيان شيء من أنواع السحر

ــ

مناسبة هذا الباب بعد الباب الذي قبله ظاهرة، لأنه في الباب الذي قبله بَيّن ما جاء من الأدلة في كتاب الله وسنّة رسوله في حكم السحر وحكم الساحر، فتطلَّعت الأنظار إلى أن يعرف النّاس ما هو السحر، وما هي أنواعه حتى يتجنّبوه.

ومن ثَمّ يتعيّن على العلماء وطلبة العلم أن يبيّنوا للناس الحق والباطل، أن يبينوا للناس الحق وأدلّته، وأن يبيّنوا للناس الباطل وأدلّته وأنواعه؛ من أجل أن يأخذوا بالحق على بصيرة، وأن يتركوا الباطل على بصيرة، وإلاَّ فإنه إذا لم يبيّن الحق والباطل التبس على الناس، وظنوا الحق باطلاً والباطل حقّاً.

ومن هنا يتعيّن على الدعاة وعلى الخطباء في المساجد وعلى المدرِّسين أن يعتنوا بهذا الأمر، وأن يبيّنوا للناس أمور عقيدتهم، وأمور دينهم.

ومما حمل المصنِّف- أيضاً- رحمه الله على عقد هذا الباب: أن هناك خوارق تجري على أيدي بعض النّاس خارجة عن الأسباب المعروفة، مثل: المشي على الماء، والطَّيَران في الهواء، والإخبار عن الأشياء الغائبة، وإحضار الشيء البعيد.

وهذه الخوارق إن جرت على أيدي الصالحين فهي كرامات من الله سبحانه وتعالى، والكرامات ثابتة عند أهل السنّة والجماعة، تجري على أيدي الصالحين إكراماً لهم من الله سبحانه وتعالى، وقد تجري على أيدي الكفرة، والفسّاق، والمنافقين، فتكون هذه الخوارق شيطانية، يفتِنون بها الناس، ويلبِّسون بها على الناس، وهي إما سحر، وإما بسبب استخدام هؤلاء الفسّاق للشياطين، فيخدمهم الشياطين بهذه الأمور التي ليست من مقدور بني آدم، وإما أن لها أسباباً خفيّة لم تظهر للنّاس من حِيَل، يعملونها.

فمن أجل التباس الحق بالباطل في هذه الخوارق أراد الشَّيخ أن يعقد هذا الباب ليبيّن أن هذه الخوارق من السحر، وليست من الكرامات.

فيجب أن نعرف هذا الباب، والفرق بين الكرامات وخوارق الشيطان، لئلا يلتبس الأمر، ولئلا يتخذ المخرِّفون والمنحرفون الخوارق الشيطانية دليلاً على الولاية لله عزّ وجلّ، فيعبدون هؤلاء من دون الله عزّ وجلّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>