للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الواحد والثلاثون:]

* باب قول الله تعالى

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} .

ــ

أراد الشيخ رحمه الله، بهذا الباب أن يبين أن المحبة نوعٌ من أنواع العبادة، وأن من أحب مع الله غيره فقد أشرك بالله الشرك الأكبر المخرج من المِلة، كما كان عليه المشركون الذين قال الله فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} .

ولَمّا كانت المحبة من أنواع العبادة، بل هي أعظم أنواع العبادة، وكان من أحب مع الله غيره مشركاً الشرك الأكبر؛ ناسب أن يذكر الشيخ رحمه الله، هذا الباب في "كتاب التّوحيد"؛ لينبه على هذه المسألة المهمّة.

والمحبة- كما ذكر العلماء- تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: محبة العبودية، وهذه يجب أن تكون خالصةً لله عزّ وجلّ، ومحبة العبودية هي التي يكون معها ذل للمحبوب. وهذه لا يجوز صرفها لغير الله، كما لا يجوز السجود لغير الله والذبح لغير الله والنذر لغير الله فإنه لا تجوز محبة غير الله محبة عبودية يصحبها ذلٌّ وخضوع وطاعةٌ للمحبوب، وإنما هذه حقٌّ لله سبحانه وتعالى.

ولهذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في "النونية":

وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذلُّ عابده هما قطبان

وعليك فَلَك العبادة دائر ... وما دار حتى قامت القطبان

ومداره بالأمر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان

ويقول العلماء في تعريف العبادة هي: غاية الذل مع غاية الحب.

فالعبادة تترّكز على ثلاثة أشياء: على المحبة، وعلى الخوف، وعلى الرجاء.

فالمحبة والخوف والرجاء هي ركائز العبادة وأساسها، فإذا اجتمعتْ تحقّقت العبادة ونفعت كالصلاة والحج وسائر العبادات، أما إذا اختلّتْ هذه الثلاثة فإن الإنسان وإن صام وإن صلى وإن حج فإنها لا تكون عبادته صحيحة.

ويقول العلماء: "من عبد الله بالمحبة فقط فهو صوفي"، لأن الصوفية يزعمون

<<  <  ج: ص:  >  >>