للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الواحد والأربعون:]

* باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} .

ــ

هذا الباب ذكره الشيخ رحمه الله بعد باب "مَن جحد شيئاً من الأسماء والصّفات"، لأنّه مِن جنسه، فيه تنقُّصٌ للرُّبوبيّة، فالذي يجحد الأسماء والصّفات قد تنقَّص الربوبيّة، وكذلك الذي يُضيفُ النّعم إلى غير الله سبحانه وتعالى قد تنقّص الرّبوبيّة.

فهذه الآية التي ذكرها في الترجمة، وهي قولُه سبحانه وتعالى: " {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (٨٣) } " هي من سورة النّحل، وسورة النّحل تسمّى سورة النِّعَم، لأنّ الله سبحانه وتعالى عدّد فيها كثيراً من نعمه على عباده، وقال فيها: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) } ، وأوّل النِّعمَ التي ذكرها الله في هذه السّورة نعمة إرسال الرُّسل، وإنزال الوحي لهداية عباده.

ثم النعمة بخلق الإنسان، وما جعل فيه من الأعضاء الكبيرة والصغيرة الدّقيقة، وما جعل فيه من بديع الصّنعة.

ثم النّعم في خلق بهيمة الأنعام التي فيها الجمال، وفيها منافعهم من الرُّكوب والحمل والألبان واللحوم، وغير ذلك.

وكذلك: المراكِب البحريّة التي تقطَعُ بهم عُباب الماء.

وكذلك: ما أنبت في الأرض من صُنوف النباتات التي فيها أرزاق العباد وفيها أدويتُهم وفيها مراعي لأنعامهم.

وكذلك: ما جعل فيها من العلامات التي يهتدي بها المسافرون في البرّ والبحر: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) } .

ومن ذلك: نعمة المشارب من الماء واللَّبَن والعسل.

وكذلك: نعمة المساكن التي يسكُنون فيها فتُؤويهم من الحرّ والبرْد، فيتحصّنون بها من عدوّهم: البيوت الثّابتة، والبُيوت المتنقِّلة: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} .

وكذلك: نعمة الملابس التي يلبسونها: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>