للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب التاسع والأربعون:]

* باب قول الله تعالى:

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية.

قال مجاهد: "هذا بعملي، وأنا محقوقٌ به ".

وقال ابن عبّاس: "يريد: من عندي ".

ــ

هذا الباب بابٌ عظيم، تقدّم نظيره في باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} .

وقوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ} الضمير في {أَذَقْنَاهُ} ضمير الغائب راجعٌ إلى الإنسان المذكور في الآية التي قبلها في قوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ (٤٩) } ، والمراد بالإنسان هنا: جنس الإنسان، يعني: لا يملّ الإنسان من طلب الدنيا، {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ} يعني: إذا أصابته مصيبة في ماله أو في بدنه، {فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ} يستبْعِد الفَرَج من الله عزّ وجلّ ويقنط من رحمة الله، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ} يعني: هذا الإنسان، أي: أعطيناه، {رَحْمَةً مِنَّا} عافية وصحّة في بدنه وغنىً من فقره، {مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} مشته في بدنه من المرض والمصائب، أو في ماله من الفقر والإعواز. {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} ينسى الضرّاء التي مسّته، وينسى من أين جاءت هذه النعم، ويظنّ أنّ ما في يده إنما هو بحوله وقوّته، فيقول: {هَذَا لِي} ، فلا يشكُر الله عزّ وجلّ ويعترف بنعمته، بل ينسِب هذه النعمة إليه هو وإلى كَدِّه وكسْبه، أو إلى آبائه وأجدادِه.

"قال مجاهد" هو مجاهد بن جَبْر، الإمام الجليل، من كبار التابعين.

"هذا بعملي، وأنا محقوقٌ به" يعني: هذه النعمة إنما حصلتُ عليها بعملي وكَدِّي وكسبي واحترافي، وأنا محقوق بها، أي: أستحقها، وأنا الذي حصّلتُها، وأنا الذي جمعتُها.

"وقال ابن عبّاس: يريد: هذا مِن عندي" يعني: بعملي وبسببي، أنا الذي حصّلتُه وتعبْتُ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>