للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ حزم: "اتّفقوا على تحريم كلّ اسم مُعَبَّدِ لغير الله؛ كعبد عمرٍو، وعبد الكعبة، وغير ذلك، حاشا عبد المطّلب".

ــ

"المحلّى" و"الفِصَل في الملل والنِّحل"، و"الأنساب"، و"جوامع السيرة"، فهو إمامٌ جليل خصوصاً في علم الحديث، إلاّ أنه رحمه الله يؤخذ عليه سلاطة اللسان في ردّه على المخالفين، واعتناقه لمذهب الظاهرية، والظاهرية معناها: الأخذ بظواهر النُّصوص دون النظر في معانيها وأسرارها، وعدم القول بالقياس، وهذا نقصٌ في هذا المذهب.

ولكن على كلّ حال هو إمامٌ جليل، له نفعٌ عظيم في الإسلام، ومؤلَّفاتُه خصوصاً "المحلّى" وما فيه من الآثار والأحاديث والرواية بالأسانيد، ففضائلُه كثيرة رحمه الله.

قال: "اتّفقوا" يعني: أجمعوا، وليس المراد الاتّفاق عند المتأخِّرين الذي هو قولُ جماعةٍ من أهل العلم.

"على تحريم كلِّ اسم مُعَبَّدٍ لغير الله" كـ (عبد الحُسين) ، و (عبد الرّسول) و (عبد الكعبة) ، و (عبد الحارث) وغير ذلك، لأنّ التعبيد يجب أن يكون لله سبحانه وتعالى، لأنّ الخلْق كلهم عبادُ الله كما قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (٩٣) } ، فكلُّ الخلق عباد الله المؤمن والكافر.

ولكن العبودية على قسمين:

عبوديّة عامّة: وهذه تشمل جميع الخلق المؤمن والكافر كلُّهم عبادُ لله تعالى، بمعنى: أنّهم مملوكون لله، مخلوقون لله، يتصرّف فيهم، ويدبِّرُ أمورَهم، لا يخرُج عن هذا أحد من الخلق.

النوع الثاني: عبوديّة خاصّة: وهي عبوديّة التألُّه والمحبّة، وهذه خاصّة بالمؤمنين: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} ، {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) } ، فهذه عبوديّة خاصّة بالمؤمنين.

قال: "حاشا" حاشا: كلمة استثناء.

"عبد المطّلب" هو جدّ الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلِب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كِلاب، فـ (عبد المطلِّب) هذا استثناهُ ابن حزم من التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>