للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السابع والخمسون:]

* باب ما جاء في اللّو

ــ

وله: "باب ما جاء في اللّو" لو: حرفٌ، يسمِّيه النُّحاة حرف امتناع لامتناع، تقول- مثلاً-: لو جاء زيدٌ لأكرمتُك، لو أطعتني لأكرمتُك، فامتنع الإكرام لامتناع المجيء أو امتناع الطّاعة.

أما دُخول (ألـ) عليه فليس هو للتعريف، لأنّ الحرف لا يعرَّف، وإنّما التعريف من خواصّ الأسماء، فـ (ألـ) هنا زائدة، فقولُه: "باب ما جاء في اللو" يعني: من النّهي عن ذلك، وذلك: لأنّ الإيمان بالقدَر هو أحد أركان الإيمان الستة، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإيمان: أنّ تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خيرِه وشرِّه"، فقوله: "تؤمن بالقدَر خيرِه وشرِّه"، دليلٌ على أنّ الإيمان بالقدَر من أركان الإيمان الستّة.

قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) } ، كلُّ شيءٍ فإنّ الله خلقه بقدَر، مقدَّرٌ خلقُه ومقدَّرٌ إيجادُه، ومقدَّرٌ كلُّ تفاصيلِه، لا يوجد في هذا الكون شيء إلاّ وهو مقدَّر من خير أو شر، من ضرر أو نفع، من صلاح أو فساد، من كفر أو إيمان، كلُّه مقدّر من الله سبحانه وتعالى.

وفي الحديث الصحيح: "إن الله كتب مقادير الأشياء في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} يعني: في اللوح المحفوظ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} أي: أنّها مكتوبة في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقها الله عزّ وجلّ، وقبل أن تحدُث في وقتها، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} ، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} إذن الله الكوني القدري، يعني: بقدره ومشيئته سبحانه وتعالى، فكل شيء مقدّر من الله سبحانه وتعالى.

فالإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستّة، وهو داخل في التّوحيد، وعدم الإيمان بالقدر يتنافى مع التّوحيد ويتنافى مع الإيمان، فمن كفر بالقدر فإنّه كافرٌ بالله عزّ وجلّ ولا توحيد له ولا دين له، لأنّه جحد القدر، وهذا سيأتي له بابٌ خاصٌّ سيعقده المصنِّف فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>