للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترتفع الطائرات فوق مستوى السحب فتطير في جو صاف تمامًا، وعندئذ يمكن رؤية السحب تسبح في الهواء من تحتها.

ومن أهم ما يتميز به السحاب عن الضباب أيضًا؛ أن الأول يتكون في كثير من الأحيان نتيجة لنشاط التيارات الهوائية الصاعدة في الجو، وقد سبق أن أشرنا عند الكلام على الضباب إلى أن التيارات الصاعدة تعتبر من العوامل التي تحول دون تراكمه، وإذا حدث أن نشطت هذه التيارات بعد تكونه؛ فإنها إما أن تبدده تمامًا، أو ترفعه إلى أعلى حيث يتحول إلى سحاب.

وللسحب تأثير مهم على المناخ؛ لأنها هي مصدر الأمطار والثلوج التي تسقط نحو الأرض، كما أنها تؤثر على الإشعاع الشمسي والأرضي، وتحدد مقدار ما ينفذ بواسطتهما من حرارة الشمس إلى الأرض، أو من حرارة الأرض إلى الطبقات العليا من الجو؛ فهي أثناء النهار تحجب جانبًا من حرارة الشمس عما يقع تحت ظلها من سطح الأرض، أما أثناء الليل فإنها تكون بمثابة غطاء يحول دون وصول الإشعاع الأرضي إلى طبقات الجو العليا؛ فتحفظ الأرض وطبقة الهواء المحصورة بينها وبين قاعدة السحب بمعظم حرارتها.

وللسحب كذلك تأثير هام على حياة النبات والحيوان والإنسان؛ لأنها تحجب ضوء الشمس الذي يعتبر ضرورة من أهم ضرورات الحياة؛ ففي بعض جهات شمال وغرب أوروبا مثلًا تنتشر بعض الأمراض التي يصاب بها الإنسان نتيجة لنقص أشعة الشمس، ومنها مرض الكساح عند الأطفال "لين العظام" ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى كثرة احتجاب الشمس بواسطة السحب في معظم أيام السنة، خصوصًا في نصف السنة الشتوي. ويستعان على تعويض هذا النقص بتعاطي بعض الأدوية التي تحتوي على فيتامين "D" الذي تساعد أشعة الشمس على تكوينه في الجسم١ وبالنسبة لحياة النباتات نلاحظ أن كثرة ضوء الشمس في بعض المناطق تساعد على سرعة نمو ونضج بعض المحاصيل؛ فمما لا شك فيه أن وفرة ضوء الشمس أثناء فصل الصيف في العروض العليا هي العامل الرئيسي الذي


١ يعتبر زيت السمك من أشهر هذه الأدوية لأنه يحتوي على نسبة كبيرة من فيتامين "D".

<<  <   >  >>