للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما الميثاق فهو ما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} ، وجاء في الصحيحين من حديث أنس مرفوعا: " يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لوكان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به، قال: فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لاتشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي" (١) . وقد جاء في السنة تفسير الاية السابقة، وبيان كيفية أخذ الميثاق على بنى آدم، وذلك في الحديث الصحيح: " أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنَعمان يعني عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: ألست بربكم.. (٢)

ونظم ذلك الشيخ حافظ حكمي رحمه الله بقوله:

أخرج فيما قد مضى من ظهر ... ... ... آدم ذريته كالذر

وأخذ العهد عليهم أنه ... ... ... لارب معبود بحق غيره.

وقد سوى كثير من أهل العلم بين الميثاق والفطرة وعدوهما أمرا واحدا، وقال البعض بالفرق بينهما، وهذا هو الأظهر من سياق الأحاديث المفسرة للميثاق، والله أعلم.

إذا علم هذا، فإن الفطرة والميثاق لا يصلح أي منهما لأن يكون حجة مستقلة على العباد، والدليل على ذلك (٣) :


(١) - رواه البخاري في أحاديث الأنبياء برقم: ٣٣٣٤ (ص٦٣٦) ، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار برقم: ٢٨٠٥ (ص١١٢٨) .
(٢) - رواه أحمد والحاكم وصححه. وانظر السلسلة الصحيحة: ١٦٢٣.
(٣) - اختصرت الأدلة من كتاب " الجامع في طلب العلم الشريف": ١/٣٧١.

<<  <   >  >>