للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما توحيد الربوبية فيعرفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: "هو الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على ما يشاء (١) ليس له في ذلك شريك، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر" (٢) .

وهذا التعريف على طوله، ليس جامعا لكل مسائل توحيد الربوبية. وأفضل منه أن يقال: " هو إفراد الله تعالى بالخلق والحكم الكوني والشرعي "، فيكون هذا التوحيد مشتملا على أركان ثلاثة:

إفراد الله بالخلق كما في قوله تعالى: {قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وقوله: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} وقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وغير ذلك من الآيات. وهذا الركن الأول يتضمن مراتب ثلاثة:

إثبات وجود الصانع، وهذا أمر لا يخالف فيه إلا عتاة الملاحدة المتعمقون في الكفر.

إثبات كون الله تعالى متصفا بالخلق الأول أي خلق السماوات والأرض ومن فيها، والخلق الثاني وهو البعث كما في قوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهذا المعنى كونه جل ذكره هو المبدئ المعيد والمحيي المميت.

نفي وجود خالق غير الله سبحانه وتعالى.

إفراد الله بالحكم الكوني ويشمل جميع أنواع القضاء والتدبير والملك والتصرف، فالله عز وجل يحكم في خلقه بما يشاء، ويدبرهم بمقتضى حكمته، ويتصرف فيهم وفق مشيئته، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. وهذا باب واسع جدا، ومن ضمن ما يشتمل عليه الإيمان بقضاء الله وقدره، وخلقه لأفعال عباده.


(١) - لو قال رحمه الله: " القادر على كل شيء" لكان أصوب، وإن أمكن توجيه قوله بنوع تكلف.
(٢) - تيسير العزيز الحميد: ٣٣.

<<  <   >  >>