للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أورد البخاري رحمه الله هذه الآيات في الباب الذي عقده في صحيحه، وخصصه لزيادة الإيمان ونقصانه. ومازال علماء الإسلام يستدلون بها، كما نقله الحافظ ابن كثير في تفسيره لآية سورة الأنعام السابقة، فقال:» .. وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضُله في القلوب كما هو مذهب جمهور الأمة، بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمدَ بن حنبل وأبي عبيد «. وقال أيضا عند آية سورة التوبة:» وهذه الآية من أكبر الدلائل على أن الإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء «.

وقال شيخ الإسلام:» والزيادة قد نطق بها القرآن في عدة آيات، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَاَ} (١) «. ثم فصل رحمه الله أوجه هذه الزيادة من خلال الآيات القرآنية المذكورة.

وقد عقد اللالكائي بابا في سياق ما جاء في القرآن والسنة من أدلة على زيادة الإيمان ونقصانه، أورد فيه هذه الآيات إلى جانب أدلة أخرى (٢) . وقال العلامة الألوسي عند قوله تعالى {زَادَتْهُمْ إِيمَانًَاَ} :» وهذا أحد أدلة من ذهب إلى أن الإيمان يزيد وينقص، وهو مذهب الجم الغفير من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، وبه أقول (٣) ، لكثرة الظواهر الدالة على ذلك من الكتاب والسنة، من غير مُعارِضٍ لها عقلا.. « (٤) .


(١) - الإيمان: ٢١٥.
(٢) - اللالكائي: ٣/١٨.
(٣) - مخالفا بذلك مذهب إمامه أبي حنيفة رحمه الله، وقد صرح بالمخالفة في تفسيره: ٩/١٦٧.
(٤) - روح المعاني: ٩/١٦٥.

<<  <   >  >>