للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ولم يتركنا هملًا: الهمل: هو الشيء المهمل المتروك الذي لا يُعبأ به فالله خلقنا ورزقنا لحكمة، ما خلقنا عبثا ولا سدى قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥] .

وقال سبحانه: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} [القيامة: ٣٦ - ٣٨] .

وقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: ٢٧] .

الله إنما خلقنا وخلق لنا هذه الأرزاق والإمكانيات لحكمة عظيمة وغاية جليلة وهي أن نعبده - سبحانه وتعالى - ولم يخلقنا كالبهائم التي خلقت لمصالح العباد ثم تموت وتذهب؛ لأنها ليست مكلفة ولا مأمورة ولا منهية، إنما خلقنا لعبادته كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات: ٥٦ - ٥٨] ولم يخلقنا لهذه الحياة الدنيا فقط نعيش فيها، ونسرح ونمرح ونأكل ونشرب ونتوسع فيها، وليس بعدها شيء، وإنما الحياة

<<  <   >  >>