للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا شَهِدَا بِلَفْظٍ، وَلَيْسَ لَفْظُهُ عَيْنَ الْمَشْهُودِ بِهِ، فَإِنَّ الْخَبَرَ يُغَايِرُ الْمُخْبِرَ.

وَقَدْ يَكُونُ الْمُقِرُّ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ وَبَحْثِهِ قَوْلَ مَنْ مَنَعَ الثُّبُوتَ بِمِثْلِ هَذَا.

[فَائِدَةٌ قَوْلُ الْحَاكِمِ هَلْ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمًا]

(فَائِدَةٌ) لَيْسَ قَوْلُ الْحَاكِمِ (يَثْبُتُ عِنْدِي) حُكْمًا بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ إذَا أَطْلَقْت لَفْظَ الثُّبُوتِ فَإِنَّمَا أَعْنِي بِهِ الْحُكْمَ بِالْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ عِنْدِي، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَمَنْ قَضَى بِأَنَّ لَفْظَ الثُّبُوتِ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ كَلَفْظِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَةَ الْمُتَرَدِّدَةَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إذَا صَدَرَتْ مِنْ حَكَمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهَا عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً فِيهِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُهَا.

وَلَفْظُ الثُّبُوتِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ الْحُكْمِ وَيُعَبِّرُ بِهِ الْأَكْثَرُونَ عَنْ غَيْرِ الْحُكْمِ، فَمِنْ أَيْنَ لِمَنْ لَمْ يَقْضِ بِأَنَّ مُطْلَقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إنَّمَا أَطْلَقَهَا بِإِزَاءِ الْحُكْمِ، وَحَمْلُ الْمُجْمَلِ عَلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ فَمَا الظَّنُّ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ، وَلَا وَقْفَةَ عِنْدِي فِي نَقْضِ حُكْمِ مَنْ يَحْكُمُ بِأَنَّ الْإِثْبَاتَ حُكْمٌ، لِمُخَالَفَتِهِ الْقَاعِدَةَ الْمَجْمَعَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مَنْعِ حَمْلِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهَا الْمُتَسَاوِيَيْنِ، أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الْمَرْجُوحِ، وَالْقَوْمُ يَسْمَعُونَ أَلْفَاظًا لَمْ يَعْرِفُوا مَعَانِيَهَا وَلَا مَأْخَذَهَا فَيَخْتَارُونَ بِلَا عِلْمٍ.

بَلْ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.

[فَائِدَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْبَاطِنِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي فَسْخٍ وَلَا عَقْدٍ]

(فَائِدَةٌ) : لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْبَاطِنِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي فَسْخٍ وَلَا عَقْدٍ، وَلَا فِي غَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يَقَعَ الْحُكْمُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ، فَفِي تَغَيُّرِ الْبَاطِنِ فِيهِ خِلَافٌ يُفَرِّقُ فِي أَنَّ لَهُ بَيْنَ الْحُكْمِ عَلَى الْعَامِّيِّ، وَالْحُكْمِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ، إذْ لَيْسَ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ أَوْلَى مِنْ اجْتِهَادِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.

[فَائِدَةٌ قَوْلَ الْحَاكِمِ ثَبَتَ عِنْدِي]

(فَائِدَةٌ) قَدْ أَقَامَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلَ الْحَاكِمِ: " ثَبَتَ عِنْدِي " مَقَامِ قَوْلِ اثْنَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْثَقَ مِنْهُ وَأَعْدَلَ، وَيَغْلِبُ الظَّنُّ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَغْلِبُ بِقَوْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>