للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا تَرَبَّصَ بِهَا إلَى أَنْ يَجِدَهُ فَيَتَعَرَّفُهَا مِنْهُ، أَوْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ لِيَصْرِفَهَا فِي مَصَالِحِهَا إنْ كَانَ عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي يَبْذُلُونَهُ مَأْخُوذًا بِحَقٍّ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ لِمَصَالِحَ خَاصَّةٍ كَالزَّكَاةِ لِأَرْبَابِهَا وَالْخُمُسِ لِأَرْبَابِهِ، وَالْفَيْءِ لِلْأَجْنَادِ عَلَى قَوْلٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَبْذُولُ لَهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَالِ الْخَاصِّ فَإِنْ أُعْطِيَ قَدْرَ حَقِّهِ فَلْيَأْخُذْهُ، وَإِنْ أُعْطِيَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ فَلْيَأْخُذْ قَدْرَ حَقِّهِ وَيَكُونُ حُكْمُ الزَّائِدِ عَلَى حَقِّهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ فَلْيَأْخُذْهُ إنْ لَمْ تَفُتْ بِأَخْذِهِ مَصْلَحَةُ الْفُتْيَا، وَلْيَصْرِفْهُ فِي الْمَصَارِفِ الْعَامَّةِ أَصْلَحِهَا فَأَصْلَحِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ فَعَلَ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ بُذِلَ لَهُ الْمَالُ مِنْ جِهَةٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مُسْتَحِقِّهِ فَقَدْ صَارَ بِالْيَأْسِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلْيَأْخُذْهُ وَيَصْرِفْهُ فِيهَا، وَإِنْ تَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ مُسْتَحِقِّيهِ فَلْيَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ الْبَحْثِ عَنْ مُسْتَحِقِّيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُمْ بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ صَارَ كَمَالِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.

[فَصْلٌ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي يَدِهِ حَرَامٌ]

فَإِنْ قِيلَ، مَا تَقُولُونَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَرَامٌ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا؟ قُلْنَا: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْدُرُ الْخَلَاصُ مِنْهُ لَمْ تَجُزْ مُعَامَلَتُهُ، مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ إنْسَانٌ أَنَّ فِي يَدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ كُلَّهَا حَرَامٌ إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا، فَهَذَا لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ، لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَلَالِ، كَمَا لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ إذَا اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ بَرِّيَّةٌ بِأَلْفِ حَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ، وَإِنْ عُومِلَ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارِ أَوْ اصْطِيَادِ أَكْثَرَ مِنْ حَمَامَةٍ فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ بِأَنْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَلَالٍ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَلْفِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ اخْتَلَطَتْ أَلْفُ حَمَامَةٍ بَرِّيَّةٍ بِحَمَامَةٍ بَلَدِيَّةٍ فَإِنَّ الْمُعَامَلَةَ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ لِنُدْرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.

وَكَذَلِكَ الِاصْطِيَادُ، وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>