للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس

في بيان حكم الاستهزاء بالدين والاستهانة بحرماته

الاستهزاء بالدين ردة عن الإسلام، وخروج عن الدين بالكلية، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥، ٦٦] .

هذه الآية تدل على أن الاستهزاء بالله كفر، وأن الاستهزاء بالرسول كفر، وأن الاستهزاء بآيات الله كفر، فمن استهزأ بواحد من هذه الأمور فهو مستهزئ بجميعها. والذي حصل من هؤلاء المنافقين أنهم استهزءوا بالرسول وصحابته؛ فنزلت الآية.

فالاستهزاء بهذه الأمور متلازم، فالذين يستخِفُّون بتوحيد الله تعالى، ويعظمون دعاءَ غيره من الأموات؛ وإذا أمروا بالتوحيد ونُهوا عن الشرك استخفُّوا بذلك، كما قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [الفرقان: ٤١، ٤٢] .

فاستهزءوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما نهاهم عن الشرك، وما زال المشركون يعيبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون، إذا دعوهم إلى التوحيد؛ لما في أنفسهم من تعظيم الشرك. وهكذا تجد من فيه شبه منهم؛ إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك؛ لما عنده من

<<  <   >  >>