للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: هاتان الآيتان وما قبلهما في وصف مشهد يوم القيامة، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود ١٠٣-١٠٦] الآيتين.

بين سبحانه وتعالى أن الناس ينقسمون في هذا اليوم العظيم إلى قسمين: شقي وسعيد، ثم بين جزاء الأشقياء وجزاء السعداء {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، فقيل: إن هذا جرى على أساليب العرب، وأن العرب إذا أرادوا أن يصفوا شيئًا بالدوام، قالوا: هذا دائم ما دامت السماوات والأرض، والمراد هنا مطلق الدوام، كما هو عادة العرب في أساليبها.

وقيل: إن المراد جنس السماوات والأرض؛ لأن الآخرة أيضًا فيها سماء وفيها أرض، لكنها غير هذه السماء، وغير هذه الأرض الموجدتين الآن؛ لأن الله تعالى يقول: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: ٤٨] ، فالمراد هنا بالأرض وبالسماء الجنس، وإن كان العين مختلف، والمعنى: أن هؤلاء الكفار لا يخرجون من هذه النار أبد الآباد، وأنهم مخلدون فيها.

أما الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ في الآيتين المراد بالاستثناء في الآية الأولى في حق الأشقياء {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ، الذي عليه أكثر المفسرين: أن المراد بهذا الاستثناء

<<  <  ج: ص:  >  >>