للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روي في ذلك شيئاً لا أهل الصحاح، ولا السنن ولا الأئمة المصنفون في المسند كالإمام أحمد وغيره (١) .

وإنما روى ذلك من جمع الموضوع وغيره، وأجل حديث روي في ذلك رواه الدارقطني وهو ضعيف باتفاق أهل العلم، بل الأحاديث المروية في زيارة قبره كقوله ((من زارني وزار أبي إبراهيم الخليل في عام واحد ضمنت له على الله الجنة)) (٢) ومن زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي ومن حج ولم يزرني فقد جفاني)) ونحو هذه الأحاديث كلها مكذوبة موضوعة.

ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور مطلقاً بعد أن كان قد نهى عنها كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) (٣) وفي الصحيح إنه قال: استأذنت ربي في أن استغفر لأمتي فلم يأذن لي واستأذنته في أ، أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (٤) ، فهذه زيارة لأجل تذكر الآخرة، ولهذا يجوز زيارة قبر الكافر لأجل ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إلى البقيع ويسلم على موتى المسلمين ويدعو لهم (٥) ، فهذه زيارة مختصة بالمسلمين كما أن الصلاة على الجنازة تختص بالمؤمنين،وقد استفاض عنه في الصحيح أنه قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا قالت عائشة، ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً (٦) .


(١) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع شرح المهذب ٨/٤٨١ في هذا الحديث: وهذا باكل ليس هو مروياً عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا يعرف في كتاب صحيح ولا ضعيف بل وضعه بعض الفجرة.
(٢) تقدم الكلام على هذين الحديثين وهما يحدثنان موضوعان النظر الفوائد المجموعة للشوكاني ص١١٧ - ١١٨ وكشف الخفا ٢/٣٤٦، ٣٤٧، ٣٤٨ والمقاصد الحسنة ص٤٢٧-٤٢٨.
(٣) رواه مسلم ٢/٦٧٢ عن بريده وفي رواية لأحمد ٥/٣٦١ والنسائي ٤/٨٩ فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هدراً، وانظر أيضاً الموطأ ٢/٤٥٨ والأم للشافعي ١/٢٧٨ ورواه أحمد أيضاً ١/١٤٥ من حديث علي رضي الله عنه.
(٤) رواه مسلم من حديث أبي هريرة ٢/٦٧١ ورواه أبو داود ٣٢٣٤ والنسائي ٤/٩٠ وابن ماجه رقم ١٥٧٢.
(٥) تقدم الكلام على بعض أحاديث الزيارة صفحة ٣٠ حاشية (١) .
(٦) رواه البخاري ١/٥٣٢ فتح ومسلم ١/٣٧٧ (ولولا ذلك لابرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجداً) هذه الزيادة رواها البخاري ٣/٢٠٠ ومسلم ١/٣٧٦.

<<  <   >  >>