للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك فأرسلتها إليه فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال: إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، فكتب منها عدة مصاحف، فوجه بمصحف إلى البصرة وآخر إلى الكوفة، وثالث إلى مكة، ورابع إلى اليمن، وخامس إلى البحرين، وأمسك لنفسه مصحفًا يقال له: الإمام١.

وبهذا العمل العظيم الذي يتسم بالدقة والإحكام والذي قام به الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- توقفت الاختلافات والمنازعات في الأمصار حول تفضيل قراءة على أخرى؟ إذ منع عثمان القراءة بما خالفها وأصبح رسمها حجة، وساعده على ذلك جماهير الصحابة والتابعين، وسار على ذلك من بعدهم، وتلقتها الأمة بالقبول وأصبح مصحف عثمان هذا هو الإمام، والمرجع في رسمه وخطه، وترتيبه، وأصبحت القراءة بما يخالفه، وإن وافق العربية وصح سنده -كالذي جاء في مصاحف الصحابة والتابعين- شاذة لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه فلا تجوز القراءة بها لا في الصلاة ولا في غيرها٢.

مظاهر الدقة والإحكام في رسم المصحف الإمام:

١- نسخت المصاحف العثمانية ومن بينها المصحف الإمام على أساس الجمع الأول للقرآن في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- إذا اعتمدوا


١ النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص٥١، ت محيش، وراجع الصاحف للسجستاني ص١٢.
٢ راجع النشر ج١ ص٥٢، ومنجد المقرئين لابن الجزري ص١٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>