للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق؛ إذ فيه بقاء الحالة الأولى إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى؛ إذ في خلال ذلك تجهيل الناس بأولية ما في الطبقة الأولى".

وقال الإمام أبو عمرو الداني: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والياء والألف: أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه شيء من ذلك؟ قال: لا.

ثم يعلق الداني على هذا فيقول: يعني الواو والياء والألف الزائدات في الرسم، المعلومات في اللفظ نحو: "لا أذبحنه" و "بأييد" و "أولوا" ونحوها ثم يقول. لا مخالف لمالك من علماء هذه الأمة"١.

أما الإمام أحمد بن حنبل فقد قال: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ألف، أو ياء، أو غير ذلك"٢.

والحجة الثالثة تنحو منحى صوفيًّا؛ إذا يرى أصحابها أن هذا الرسم توقيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي أمر بالكتابة على هذه الهيئة المعروفة؛ وذلك لأسرار لا يعلمها إلا الله، ولا تهتدي إليها عقول البشر، كما أنها في تصورهم تمثل جانبًا من جوانب الإعجاز القرآني، ثم يتساءلون: لماذا زيدت الألف في "مائة" دون "فئة" والياء في "بأييد" و "بأييكم"؟ وما السر في زيادة الألف في "سعوا" في سورة الحج دون "سعو" في سبأ وزيادتها في "عتوا" في جميع مواضعها دون "سعوا" في سبأ وزيادتها في {عَتَوْا} في جميع مواضعها دون "عتو" في الفرقان، وزيادتها في {يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} البقرة، ونقصانها من {يَعْفُوَ عَنْهُم} في النساء؟ ولماذا ثبتت


١ مناهل العرفان للزرقاني "١/ ٣٨٢".
٢ الإتقان "٢/ ٢٨٣"؛ والمحكم ص١٥.

<<  <   >  >>