للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها: إذا كان القاضي وصيًا على يتيم فهو يتصرف له من حيث أنه قاض، وتلك صفة تعم هذا اليتيم وغيره من اليتامى، ومن حيث أنه وصي، وتلك صفة تبقى وإن زالت صفة القضاء؛ فهي أعم من القضاء من هذا الوجه، لأنه إذا زال خصوص كونه قاضيًا، بالنسبة إلى هذا اليتيم، بقي عموم كونه وصيًا لا يختص تصرفه بزمن القضاء، والأقوى ما دام قاضيًا تصرفه بالوصية فإنه تصرف بالخصوص.

فإن قلت: ماذا ينبني على هذا؟

قلت: إذا كان لليتيم حق ورثه من أبيه فهل له الحكم به؟

فيما ذكرناه يظهر أنه لا يحكم؛ لأنه إنما يتصرف بالوصاية ولا قضاء فيها، ولو تصرف بالقضاء لكان حاكمًا والخصم هو الوصي "وهو الوصي" فيكون خصم نفسه وهذا لا يضر.

فمن ثم رجح قول ابن الحداد في وصي على يتيم ولي الحكم فشهد عند بمال لأبي الطفل على منكر أنه ليس له أن يحكم عليه؛ لأن من كان خصمًا في حكومة لم يجز أن يكون حاكمًا فيها. كما لا يحكم على غيره لنفسه، ولأنه لو شهد للصبي، الذي هو قيمه -بمال [لم يقبل] ١ ومن لا يشهد لشخص لا يحكم له.

وصحح الرافعي أن له الحكم، وذكر أن قول القفال، والقفال لم يفصح به في شرح الفروع؛ وإنما الشيخ أبو علي نقله عنه في شرح الفروع سماعًا، واحتج بأن القاضي يلي أمر الأيتام كلهم وإن لم يكن وصيًا فلا تهمة.

قال ابن الرفعة: والصواب قول ابن لحداد.

قلت: والأمر كذلك، وقد بينته في الطبقات الكبرى في ترجمة ابن الحداد.

فصل:

نختم به الكلام على التعليل بعلتين، قد يتعقب المحل علتان مقتضى كل واحدة منهما مقتضى أختها، ونعلم أنهما غير مجتمعتين، ونعلم أن إحداهما واقعة، والأخرى زائلة؛ غير أنا لا ندري عين الذاهبة، ولا نميز بين الحاضرة والغائبة.

وهذا قد يقول من ينتهي إليه: هو من باب التعليل بأحدهما لا بعينه. وليس


١ سقط في ب.