للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- السموّ بالمرأة وإبعادها عن مظنة السوء بها وتعرضها للقيل والقال, وهذا المعنى قديم قدم الشريعة الإسلامية، وقد أشار له بعض الصحابة الكرام حين تعرضهم للنصوص الواردة في ضرورة مباشرة الولي للعقد، ومنع المرأة من مباشرته, ومن ذلك ما قاله أبو هريرة -رضي الله عنه- بعد ذكره لحديث "لا تزوج المرأة المرأة, ولا تزوج المرأة نفسها" , قال أبو هريرة: وكنا نقول: "إن التي تزوج نفسها هي الفاجرة" وفي رواية أخرى: "إن التي تنكح نفسها هي البغي"، وفي رواية ثالثة: "وكان يقال: الزانية تُنْكِحُ نفسها".

٢- حفظ كرامة الأسرة وعدم ابتذال سمعتها، لأن المعرَّة لن تقتصر على المرأة المبتذلة وحدها، بل ستلحق بأسرتها كذلك, وقد ينسى الناس اسمها وشخصها, ولا يذكرون إلّا عائلتها أو عشيرتها أو قبيلتها بمرور الأيام. والأمثلة على ذلك من التاريخ كثيرة، فهذا اسم قبيلة غامد الآن في كتب التاريخ والسنة والفقه والتفسير من غير أن يذكر اسم المرأة التي رجمت بسبب الزنا، فيقال: الغامدية، كما يقال: الجهنية, وقد يظل الاسم مقترنًا بالقبيلة فيتردد في الكتب الآن, وبعد أربعة عشر قرنًا -اسم ماعز منسوبا إلى قبيلته، فيقال: ماعز الأسلميّ.. وهكذا..

٣- في حضور الولي مجلس العقد إشعار له بمدى المسئولية التي تقع على عاتقه مما يفرض عليه أن يعد للأمر عدته، فيأخذ الاحتياطات اللازمة تحسبًا لأيِّ مفاجآت قد تحدث فيما بعد، فيهتم بالبحث عن الظروف المحيطة بالرجل المتقدم, سواء من حيث التدين، أم من حيث الحسب والنسب، أم من حيث المقدرة المالية، أو الوضع الاجتماعي، وغير ذلك مما يهتم به أهل المخطوبة في مثل هذه الظروف, ولا أعتقد أن اهتمام الولي سيكون بهذه الدرجة فيما لو كان دوره يقتصر على الإذن السابق أو الإجازة اللاحقة؛ لأنه يجد نفسه أمام أمر واقع، وقدرته على المناورة ستكون محدودة، فهو إما أن يوافق، أو يخسر موليَّته، أو الرجل المتقدم, أو يخسرهما معًا، وقد يكون في موافقته المتعجلة خسارة له وللقبيلة كلها.

<<  <   >  >>