للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ساعد هذا الفريق على هذا الاتجاه ما نُقِلَ عن عددٍ من السلف أنهم كانوا يراعون ذلك أو يدعون إليه باعتباره أمرًا واقعًا يقتضيه الطبع أو تمليه ظروف البيئة, ومن ذلك:

١- ما ذكره أبو إسحاق الهمداني قال: خرج سلمان وجرير في سفرٍ, فأقيمت الصلاة, فقال جرير لسلمان: تقدَّم أنت، قال سلمان: بل أنت تقدم, فإنكم معشر العرب لا يُتَقَدَّمُ عليكم في صلاتكم، ولا تنكح نساؤكم، إن الله فضلكم علينا بمحمد -صلى الله عليه وسلم, وجعله فيكم١.

٢- ما نقل عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: "لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلّا من الأكفاء"٢.

ويلاحظ هنا أن الكفاءة عند الجمهور ليست ضربة لازب لا محيد عنها ولا مناص منها, وإنما هي سلاح في يد المرأة التي يراد تزويجها، كما أن بعضها سلاح في يد وليها.

فإذا أراد الأولياء زواجها من غير ملتزم بالدين، أو ذي نسب يقل في نظرها عن نسبها، أو عبد أو غير ذلك مما ورد في الكفاءة، لسبب ما؛ بأن كان ذا مالٍ أو كان ذا وجاهةٍ, أو له خدمات عليهم, وغير ذلك من الأسباب التي تقتضي في نظرهم الزواج منه، كان من حقها أن ترفض, وأن ترفع أمرها لولي الأمر أو نائبه لمنع هذا الزواج.

وهو كذلك سلاح في يد الأولياء؛ إذ كثيرًا ما تخدع البنات بالأشكال اللامعة من الشباب الفارغين من أيِّ محتوى, أو العاطلين, أو من ذوي نسب قد يعير به أهلها, لذلك أعطوا هذا السلاح في أيديهم حتى تتريث البنت في اختيارها، وتعلم أن الزوج المنتظر لا بُدَّ من أن يحوز رضا الأولياء.


١ البيهقي ٧/ ١٧٤.
٢ البيهقي ٧/ ١٣٣، والدارقطني ٣/ ٢٩٨.

<<  <   >  >>