للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: النظر إلى المخطوبة]

[المطلب الأول: حكم نظر الرجل إلى المخطوبة ومدى الحاجة إلى إذنها في ذلك؟]

اتفق الفقهاء على مشروعية نظر الرجل الذي يريد النكاح إلى مَنْ يريد نكاحها, وذلك لكثرة النصوص الشرعية التي تحضُّ على ذلك, فقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- تحت باب النظر إلى المرأة قبل التزويج بسنده إلى عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال لي: هذه امرأتك, فكشفت عن وجههك الثوب, فإذا أنت هي، فقلت: إن يك هذا من عند الله يُمْضه" ١.

كما أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم, فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنظرت إليها؟ " قال: لا، قال: "فاذهب فانظر إليها, فإن في أعين الأنصار شيئًا" ٢.

والحكمة من مشروعية النظر عند الخطبة هو التعرف على الطرف الآخر الذي سيشاركه حياته في مجلسه ومخدعه ويقظته ومنامه، فإذا ما كان مشتملًا على ملامح من الجمال وسماحة النفس كان ذلك أرجى أن تطيب العشرة وتدوم المودة وتحصل السكينة التي أرادها الله تعالى في قوله عز شأنه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} ٣ وهو ما قصد إليه رسول


١ صحيح البخاري مع فتح الباري جـ١١/ ٨٥.
٢ صحيح مسلم بشرح النووي جـ٩/ ٢٠٩، ٢١٠.
٣ سورة الروم الآية ٢١.

<<  <   >  >>