للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمات]

[مقدمة]

...

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

يبدأ العصر الحديث للأدب العربي في مصر -بل للتاريخ المصري كله- بتلك السنوات التي شهدت خروج البلاد من ظلمات العصر التركي، لتفتح عيونها على نور الحضارة الحديثة، ولتأخذ طريقها في موكب المدنية المتقدمة، وذلك بعد أن أغمضت عيونها عن النور، وعوقت خطاها عن السير زهاء ثلاثة قرون، هي مدة الحكم التركي الكريه.

ومن الممكن تحديد تلك البداية، بسنوات الحملة الفرنسية من سنة ١٧٩٨م إلى ١٨٠١م، أي بأواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر. وليس ذلك باعتبار الحملة الفرنسية خيرًا أسدى إلى مصر، بل باعتبارها عملًا عدونيا مدبرًا، أثار في مصر ما كمن من عناصر القوة، فقد اتخذت الحملة الفرنسية من العلم أسلحة ضمن أسلحتها، ومن العلماء جندًا في عداد جندها، ومن هنا رأى المصريون في تلك الحملة علما غير ما يعرفون، وعلماء غير ما يعهدون، وأدركوا خطورة ذلك كله عليهم أن لم يكن لهم مثله، فتطلعوا إلى نور الحضارة الحديثة، وبدءوا التأهب للسير في موكب المدنية المتقدمة.. وهكذا كانت تلك الحملة تنبيهًا غير مقصود لعناصر القوة في الشعب المصري العظيم، تمامًا كما تنبه عناصر المقاومة في جسم الكائن الحي، حين يتسلل إلى دمه مكروب يريد أن يفتك به، فيتسلح الجسد بما فيه من قوى كامنة، ويقاوم بما احتفظ به من حيوية محجبة، وحينئذ قد يكسب مناعة أقوى مع الزمن، وصحة أتم على الأيام.

وقد تعاقبت السنون منذ تلك البداية إلى عهدنا الحاضر، ومر الأدب -والتاريخ المصري كله- بفترات مختلفة، لكل منها طابع خاص.

<<  <   >  >>