للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- المقالة ونشأتها:

لم يعرف أدبنا القديم هذا القالب الفني للكتابة النثرية، وهو قالب "المقالة"، وإن كان عرف شيئًا قريبًا منه، وهو "الرسالة" التي نراها في بعض كتابات علم مثل الجاحظ، حيث تناول موضوعات محددة في صورة مركزة، تشبه -إلى حد كبير- شكل المقالة، وإن لم تكن هي تماماً.

فالمقالة تتناول موضوعًا أكثر تحديدًا، وتعرضه بصورة أشد تركيزًا، وهذا الموضوع يتصل بقضية حية، ويتجه فيه الحديث إلى الجماعة، ويخضع آخر الأمر في أسلوبه لمقتضيات الصحافة، التي نشأ معها هذا الفن١.

وهكذا جاء فن المقالة -في الأدب المصري- استجابة لضرورات سياسية واجتماعية، ثم تطور نتيجة لهذا الوعي الذي كان ينمو وينضج في تلك السنين، من النصف الثاني من القرن الماضي، فقد وعي المصريون واقعهم بكل ما فيه من حاجات إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والديني، واتجه فريق من مثقفيهم إلى الكتابة في تلك الجوانب الإصلاحية العديدة، متخذين من الصحافة -تلك الوسيلة الجديدة- أداة لتوصيل آرائهم، وأفكارهم إلى مواطنيهم، وبدءوا يكتبون بأسلوب قريب من الأسلوب التقليدي المزركش، ثم أخذوا تدريجيًّا يتخلصون من ذلك الترسل٢، فلم يكن من الممكن أن يتجهوا إلى جمهور المواطنين عن طريق الصحف، بتلك اللغة المتكلفة المتلاعبة الملتوية الثقيلة،


١ انظر: أدب المقالة الصحفية للدكتور عبد اللطيف حمزة جـ١.
٢ المصدر السابق جـ١ جـ٢.

<<  <   >  >>