للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك، حتى يكون سرا وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان: "أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى أهل الآفاق انظروا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه"، وروى مالك في الموطأ -رواية محمد بن الحسن- "أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى عامله، وقاضيه على المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء".

من هذه الروايات ترى أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى أهل الآفاق بأن يكتبوا الحديث. لكن من ذا الذي كان له فضيلة السبق في تدوين السنن منهم المشهور على ألسن علماء الحديث وحفاظ الأثر، أن ابن شهاب الزهري، هو أول من جمع الحديث على رأس المائة الأولى للهجرة، بأمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز. ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في باب كتابة العلم من فتح الباري ما نصه: "قال العلماء وكره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا، كما أخذوه حفظا، لكن لما قصر الهمم، وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة، بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين، ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير، والحمد لله". ا. هـ "ج١ ص٨١٥ الأميرية".

هذا وكانت طريقتهم في التدوين تتبع وحدة الموضوع، فهم يجمعون في المؤلف الواحد الأحاديث التي تدور حول موضوع واحد كالصلاة مثلا يجمعون الأحاديث الواردة فيها في مؤلف واحد، وهكذا الصوم والزكاة والطلاق وهلم جرا.

إلا أنه لم يبلغنا شيء من هذه الكتب الحديثية، والظاهر أن العلماء فيما بعد أدمجوها ضمن مصنفاتهم، لا سيما إذا كانت محفوظة لهم، كما هو الغالب من حالهم.

<<  <   >  >>